( وإن لم يفسد الماء استحسانا ) ، وكان ينبغي في القياس أن يفسده ; لأن الحدث زال عن يده بإدخاله في الإناء فيصير الماء مستعملا كالماء الذي غسل به يده ، وجه الاستحسان ما روي أن المهراس كان يوضع على باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيها ماء فكان أدخل جنب ، أو حائض ، أو محدث يده في الإناء قبل أن يغسلها ، وليس عليها قذر أصحاب الصفة رضوان الله عليهم يغترفون منه للوضوء بأيديهم ، ولأن فيه بلوى ، وضرورة فقد لا يجد شيئا يغترف به الماء من الإناء العظيم [ ص: 53 ] فيجعل يده لأجل الحاجة كالمغرفة ، وإذا ثبت هذا في المحدث فكذلك في الجنب ، والحائض لما روي عن رضي الله تعالى عنها أنها قالت { عائشة } ، وعن كنت أغتسل أنا ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد فربما بدأت أنا ، وربما بدأ هو ، وكنت أقول أبق لي ، وهو يقول بق لي رحمه الله تعالى في الأمالي قال إذا أدخل الجنب يده ، أو رجله في البئر لم يفسده ، وإن أدخل رجله في الإناء أفسده ، وهذا لمعنى الحاجة ففي البئر الحاجة إلى إدخال الرجل لطلب الدلو فجعل عفوا ، وفي الإناء الحاجة إلى إدخال اليد فلا تجعل الرجل عفوا فيه ، وإن أدخل في البئر بعض جسده سوى اليد ، والرجل أفسده ; لأنه لا حاجة إليه . أبي يوسف