( قال ) وليكن طوافك في كل شوط وراء الحطيم . والحطيم : اسم لموضع بينه وبين البيت فرجة يسمى الموضع حطيما ، وحجرا فتسميته بالحجر على معنى أنه حجر من البيت أي منع منه ، وتسميته بالحطيم على معنى أنه محطوم من البيت أي مكسور منه فعيل بمعنى مفعول كالقتيل بمعنى مقتول ، وقيل : بل فعيل بمعنى فاعل أي حاطم كالعليم بمعنى عالم ، وبيانه فيما جاء في الحديث { } فينبغي لمن يطوف أن لا يدخل في تلك الفرجة في طوافه ، ولكنه يطوف وراء من دعا على من ظلمه فيه حطمه الله تعالى الحطيم كما يطوف وراء البيت ; لأن الحطيم من البيت ، وهكذا روي أن رضي الله عنها { عائشة مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصلي في البيت ركعتين فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها ، وأدخلها الحطيم ، وقال صلي هنا فإن الحطيم من البيت إلا أن قومك قصرت بهم النفقة فأخرجوه من البيت ، ولولا حدثان عهد قومك بالجاهلية لنقضت بناء الكعبة ، وأظهرت قواعد الخليل صلوات الله عليه ، وأدخلت الحطيم في البيت [ ص: 12 ] وألصقت العتبة بالأرض ، وجعلت لها بابين بابا شرقيا ، وبابا غربيا ، ولئن عشت إلى قابل لا فعلن ذلك فلم يعش صلى الله عليه وسلم } ، ولم يتفرغ لذلك أحد من الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم حتى كان زمن نذرت إن فتح الله رضي الله عنه ، وكان سمع الحديث فيها ففعل ذلك ، وأظهر قواعد عبد الله بن الزبير الخليل صلوات الله عليه ، وبنى البيت على قواعد الخليل صلوات الله عليه بمحضر من الناس ، وأدخل الحطيم في البيت فلما قتل كره أن يكون بناء الحجاج البيت على ما فعله فنقض بناء ابن الزبير الكعبة ، وأعاده على ما كان عليه في الجاهلية فإذا ثبت أن الحطيم من البيت فالطواف بالبيت كما قال الله تعالى { بالبيت العتيق وليطوفوا } ينبغي له أن الحطيم ولا يقال لو استقبل يطوف من وراء الحطيم في الصلاة لا تجوز صلاته ، ولو كان الحطيم من البيت لجازت ; لأن كون الحطيم من البيت إنما يثبت بخبر الواحد ، وفرضية استقبال القبلة بالنص فلا يتأدى بما ثبت بخبر الواحد ، والحاصل أنه يحتاط في الطواف والصلاة جميعا ; لأن خبر الواحد يوجب العمل ، ولا يوجب علم اليقين .