قال ( وإن عندنا ) ، وهو قول خرج من جرحه دم ، أو صديد ، أو قيح فسال عن رأس الجرح نقض الوضوء علي رضي الله تعالى عنهما ، وقال وابن مسعود رحمه الله تعالى لا ينتقض الوضوء ، وهو قول الشافعي ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، واحتج وأبي هريرة رحمه الله تعالى بقوله صلى الله عليه وسلم { الشافعي } ، وهذا إشارة إلى موضع الحدث لا عينيه فدل أن الحدث ما يكون من السبيل المعتاد ، والمعنى فيه أن قليل الخارج من غير السبيل ليس بحدث بالاتفاق ، وما يكون حدثا فالقليل منه ، والكثير سواء كالخارج من السبيل ، والدليل عليه الريح إذا خرج من الجرح لم يكن حدثا بخلاف ما إذا خرج من السبيل ، وهذا ; لأن الشرع أقام المخرج مقام الخارج في ثبوت حكم الحدث فما لا يخرج منه إلا النجاسة جعل الخارج منه حدثا ، ونجسا ، وما يختلف الخارج منه لم يكن حدثا ، وإن خرج منه ما هو نجس تيسيرا للأمر . لا وضوء إلا من حدث ، قيل وما الحدث ؟ قال : صوت ، أو ريح
( ولنا ) حديث رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { زيد بن علي الوضوء من كل دم سائل } ، وقال سلمان رضي الله تعالى عنه { } ، والمعنى فيه أنه خارج نجس ، وصل إلى موضع يلحقه حكم التطهير فكان حدثا كالخارج من السبيل ، وهذا ; لأن الحكم للخارج دون المخرج حتى الواجب باختلاف الخارج فخروج المني يوجب الغسل ، وخروج المذي يوجب الوضوء ، والمخرج واحد ، وهو بخلاف القليل الذي لم يسل ; لأنه ما صار خارجا إنما تقشر عنه الجلد فظهر ما هو في موضعه ، والشيء لا يعطى له حكم النجاسة ، وفي السبيل ، وإن قل ما ظهر فقد فارق مكانه ، وكذلك الريح إذا خرج من السبيل ، ومعه قليل شيء ، وذلك كاف في انتقاض الطهارة بخلاف الخارج من غير السبيل . يقرر ما قلنا أنه وجب عليه غسل ذلك الموضع لمعنى من [ ص: 77 ] بدنه فيكون حدثا كالخارج من السبيل بخلاف ما إذا لم يسل فإنه لم يلزمه غسل ذلك الموضع ، وبخلاف ما إذا أصابته نجاسة ; لأن وجوب غسله لم يكن لمعنى من بدنه فلا تتغير صفة طهارة بدنه ، ثم حاصل المذهب أن الدم سال بقوة نفسه حتى انحدر انتقض به الوضوء ، وإن لم ينحدر ، ولكنه علا فصار أكثر من رأس الجرح لم تنتقض به الطهارة إلا في رواية شاذة عن مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والدم يسيل من أنفي فقال أحدث لما حدث بك وضوء رحمه الله تعالى فإنه إن مسحه قبل أن يسيل فإن كان بحال لو ترك لسال فعليه الوضوء ، وإن كان بحال لو تركه لم يسل فلا وضوء عليه لحديث محمد رضي الله تعالى عنهما قال في الدم إذ سال عن رأس الجرح فهو حدث ، وإلا فلا . ابن عباس