( قال : ) : وإذا نحره صاحبه ، فإن كان واجبا فهو لصاحبه يصنع به ما شاء ; لأنه قصد بهذا إسقاط الواجب عن ذمته ، فإذا خرج من أن يكون صالحا لإسقاط الواجب به بقي الواجب في ذمته كما كان ، وهذا ملكه فيصنع به ما شاء ، وإن كان تطوعا نحره وصبغ نعله بدمه ثم ضرب به صفحته ، ولم يأكل منه شيئا بل يتصدق به ، وذلك أفضل من أن يتركه للسباع ، هكذا نقل عن عطب الهدي في الطريق عائشة رضي الله تعالى عنها والأصل فيه ما روي { الحديبية الهدايا على يد ناجية بن جندب الأسلمي رضي الله عنه وأمره أن يسلك بها الفجاج والأودية حتى يخرج بها إلى منى ، فقال : ماذا أصنع بما عطب على يدي منها ، فقال : انحرها واصبغ نعلها بدمها } والمراد بالنعل قلادتها واضرب بها صفحة سنامها ثم خل بينها وبين الناس ولا تأكل أنت ولا أحد من رفقتك منها شيئا ، ومقصوده مما ذكر أن يجعل عليها علامة يعلم بتلك العلامة أنها هدي فيتناول منها الفقراء دون الأغنياء ، وإنما نهاه أن يتناول منها ; لأنه كان غنيا مع رفقته ثم المتطوع بالهدايا إنما يتناول بإذن من له الحق ، والإذن معلق بشرط بلوغه محله قال الله تعالى { أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عام فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها } ، فإذا لم تبلغ محلها لا يباح له التناول منها ولا أن يطعم غنيا بل يتصدق بها على الفقراء ; لأنه قصد بها التقرب إلى الله تعالى ، فإذا فات معنى التقرب إلى الله تعالى بإراقة الدم يتعين التقرب إلى الله تعالى بالتصدق ، وذلك بالصرف إلى الفقراء دون الأغنياء ، فإن أعطى من ذلك غنيا ضمن قيمته ويتصدق بجلالها وخطمها أيضا كما يفعل ذلك إذا بلغت محلها