. ( قال ) : وإذا فإن ذلك لا يجزئه عن حجة الإسلام لقوله صلى الله عليه وسلم { حج العبد بإذن مولاه } ، وإنما قال هذا حين كانت الهجرة فريضة وكان المعنى فيه أن العتق من شرائط وجوب [ ص: 150 ] الحج ولا يتحقق الوجوب بدون شرطه فيكون المؤدى قبل وجود الشرط نفلا فلا ينوب عن الفرض ، وهذا بخلاف الفقير إذا حج ، ثم استغنى حيث جاز ما أدى عن الفرض ; لأن مالك المال ليس بشرط للوجوب إنما أيما عبد حج ولو عشر حجج فعليه حجة الإسلام إذا عتق وأيما صبي حج ولو عشر حجج فعليه حجة الإسلام إذا بلغ وأيما أعرابي حج ولو عشر حجج فعليه حجة الإسلام إذا هاجر التمكن من الوصول إلى موضع الأداء ، ألا ترى أن المكي الذي هو في موضع الأداء لا يعتبر في حقه ملك المال ، وفي حق الآفاقي لا يتقدر المال بالنصاب بل يختلف ذلك باختلاف قربه من موضع الأداء وبعده فعرفنا أن الشرط هو التمكن من الوصول إلى موضع الأداء فبأي طريق وصل الفقير إلى ذلك الموضع وجب الأداء فإنما حصل أداؤه بعد الوجوب فكان فرضا . فأما العتق من شرائط الوجوب فإن العبد الذي هو شرط الوجوب بمكة لا يلزمه الحج فالمؤدى قبل العتق لا يكون فرضا ، توضيحه أنه إنما أدى الحج بمنافعه ومنافع الفقير حقه ، فإذا أداه بما هو حقه كان فرضا فأما منافع العبد لمولاه وبإذن مولاه لا تخرج المنفعة من ملكه فإنما أداه بما هو ملك الغير وملك الغير لا يسقط ما هو فرض العمر عنه ، وهذا بخلاف الجمعة إذا أداها بإذن المولى ; لأن الجمعة تؤدى في وقت الظهر ، ومنافعه لأداء الظهر صارت مستثناة عن حق المولى فإنما أداه بمنافع مملوكة له فهذا جائز عنه بخلاف ما نحن فيه فإن هذا غير مستثنى من حق المولى فلا تتأدى به حجة الإسلام .