باب التلبية ( قال ) : وبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : { } اتفق على هذا رواة نسك رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وفي نقل تلبيته ، فإن اقتصر عليه فحسن ، وإن زاد على هذا فحسن أيضا عندنا ، وبعض أصحاب لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك - رحمهم الله تعالى - يقولون : يباح له الزيادة وأكثرهم على أن ذلك مكروه لحديث الشافعي رضي الله عنه { سعد بن أبي وقاص } ، ولأنه ذكر منظوم فلا يزاد عليه كالأذان والتشهد ، وحجتنا في ذلك حديث أنه سمع رجلا يقول في تلبيته : لبيك ذي المعارج لبيك ، فقال : مه ما كنا نلبي ، هكذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم { أبي هريرة } . كان يقول في تلبيته : لبيك إله الحق لبيك
وعن أنه خرج من ابن مسعود مسجد الخيف يلبي ، فقال قائل لا يلبي هنا ، فقال رضي الله عنه : أجهل الناس أم طال بهم العهد لبيك عدد التراب لبيك . وعن ابن مسعود رضي الله عنهما أنه كان يقول في تلبيته : لبيك مرهوب منك ومرغوب إليك والنعمى والفضل والحسن لك لبيك لبيك ، وتأويل حديث ابن عمر رضي الله عنه أن ذلك الرجل كان ترك التلبية المعروفة واكتفى بذلك القدر فلهذا أنكر عليه وهكذا نقول إذا ترك التلبية المعروفة كان مكروها ، فأما إذا أتى بالمعروف ، ثم زاد كان ذلك حسنا ; لأن المقصود هو الثناء على الله تعالى وإظهار العبودية من نفسه ، وقد نقل من طريق أهل البيت عليهم السلام تلبية طويلة من ذلك ، والجاريات في الفلك على مجاري من سلك ، ثم سعد سواء ; لأنه لا يحل من النسكين قبل يوم النحر ، وقطع التلبية حين يرمي جمرة الحاج والقارن في قطع التلبية العقبة ، وقد بينا وقت قطع التلبية في حق فائت الحج والمحصر ومن أفسد حجه ، وإنما يصير محرما بالتلبية إذا نوى الإحرام فأما بدون النية محرما وإن لبى ، كما لا يصير بالتكبير شارعا في الصلاة إذا لم ينو ، والتهليل والتسبيح بنية الإحرام به بمنزلة التلبية كما عند افتتاح الصلاة ، وقد بينا الفرق بينه وبين الصلاة رحمه الله تعالى . لأبي يوسف
[ ص: 188 ] وإذا كان محرما ; لأنه أتى بما في وسعه ، وليس عليه فوق ذلك كما إذا شرع في الصلاة بتحريك اللسان مع النية يصح شروعه توضأ الأخرس ولبس ثوبين وصلى ركعتين ، ثم نوى الإحرام بقلبه وحرك لسانه غير أنها لا ترفع صوتها لما بينا أن صوتها فتنة واذا . والمرأة بمنزلة الرجل في التلبية فقد أساء ، ولا شيء عليه ; لأن الشروع في الإحرام بالتلبية كما أن صحة الشروع في الصلاة بالتكبير ، ولو لم يأت المصلي إلا بتكبيرة الافتتاح جازت صلاته وكان مسيئا ، فكذلك إذا لم يأت المحرم بالتلبية إلا مرة واحدة جاز ; لأنه أتى بما هو الواجب وترك المسنون فيكون مسيئا ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب لم يلب القارن والمفرد بالحج والعمرة إلا مرة واحدة