باب الأذان الأذان في اللغة الإعلام ومنه قوله تعالى { وأذان من الله ورسوله } الآية ، وتكلموا في سبب ثبوته فروى رحمه الله تعالى عن أبو حنيفة عن علقمة بن مرثد عن أبيه قال { أبي بردة مر أنصاري بالنبي صلى الله عليه وسلم فرآه حزينا وكان الرجل ذا طعام فرجع إلى بيته واهتم لحزنه صلى الله عليه وسلم فلم يتناول الطعام ولكنه نام فأتاه آت فقال أتعلم حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مم ذا هو من هذا الناقوس فمره فليعلم الأذان بلالا } وذكره إلى آخره والمشهور { المدينة كان يؤخر الصلاة تارة ويعجلها أخرى فاستشار الصحابة في علامة يعرفون بها وقت أدائه الصلاة لكي لا تفوتهم الجماعة فقال بعضهم : ننصب علامة حتى إذا رآها الناس أذن بعضهم بعضا فلم يعجبه ذلك ، وأشار بعضهم بضرب الناقوس فكرهه لأجل النصارى ، وبعضهم بالنفخ في الشبور فكرهه لأجل اليهود ، وبعضهم بالبوق فكرهه لأجل المجوس فتفرقوا قبل أن يجتمعوا على شيء قال عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري : فبت لا يأخذني النوم وكنت بين النائم واليقظان إذ رأيت شخصا نزل من السماء وعليه ثوبان أخضران وفي يده شبه الناقوس فقلت : أتبيعني هذا ؟ فقال : ما تصنع به ؟ فقلت : نضربه عند صلاتنا . فقال : ألا أدلك على ما هو خير من هذا ؟ [ ص: 128 ] فقلت : نعم فقام على حذم حائط مستقبل القبلة فأذن ثم مكث هنيهة ثم قام فقال مثل مقالته الأولى وزاد في آخره قد قامت الصلاة مرتين فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرته بذلك فقال : رؤيا صدق ، أو قال : حق ألقها على فإنه أمد صوتا منك فألقيتها عليه فقام على سطح أرملة كان أعلى السطوح بلال بالمدينة وجعل يؤذن فجاء رضي الله تعالى عنه في إزار وهو يهرول ويقول لقد طاف بي الليلة ما طاف عمر بعبد الله إلا أنه قد سبقني فقال صلى الله عليه وسلم هذا أثبت } . وروي أن سبعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين رأوا تلك الرؤيا في ليلة واحدة . وكان أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم أبو حفص محمد بن علي ينكر هذا ويقول تعمدون إلى ما هو من معالم الدين فتقولون ثبت بالرؤيا كلا ولكن النبي صلى الله عليه وسلم حين أسري به إلى المسجد الأقصى وجمع له النبيون أذن ملك وأقام فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل نزل به جبريل عليه الصلاة والسلام حتى قال أذن كثير بن مرة جبريل في السماء فسمعه رضي الله تعالى عنه ولا منافاة بين هذه الأسباب فيجعل كأن ذلك كان . عمر بن الخطاب
ثم يختلفون في الأذان في ثلاثة مواضع : ( أحدها ) في عندنا خلافا الترجيع فإنه ليس من سنة الأذان رحمه الله تعالى ( للشافعي ) أن يأتي بكلمة - الشهادتين مرتين يخفض بهما صوته ثم يرجع فيأتي بهما مرتين أخريين يرفع بهما صوته واحتج وصفته رحمه الله تعالى بحديث الشافعي أبي محذورة أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة ولا يكون تسع عشرة كلمة إلا بالترجيع وروي أنه أمر بالترجيع نصا وجعل كلمة الشهادتين قياس التكبير فكما أنه يأتي بلفظة التكبير أربع مرات فكذلك كلمة الشهادتين .
( ولنا ) حديث رضي الله تعالى عنه فهو الأصل وليس فيه ذكر الترجيع ولأن المقصود من الأذان قوله حي على الصلاة حي على الفلاح ولا ترجيع في هاتين الكلمتين ففيما سواهما أولى . عبد الله بن زيد
وأما لفظ التكبير فدليلنا فإن ذكر التكبير مرتين لما كان بصوت واحد فهو كلمة واحدة فأما حديث أبي محذورة قلنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالتكرار حالة التعليم ليحسن تعلمه وهو كان عادته فيما يعلم أصحابه فظن أنه أمره بالترجيع . وقيل { أبا محذورة كان مؤذن مكة فلما انتهى إلى ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم خفض صوته استحياء من أهل مكة لأنهم لم [ ص: 129 ] يعهدوا ذكر اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم جهرا ففرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أذنه وأمره أن يعود فيرفع صوته ليكون تأديبا له } . إن
( والثاني ) في ( عندنا أربع مرات وعند التكبير رحمه الله تعالى مرتين ) وهو رواية عن مالك رحمه الله تعالى قاسه بكلمة الشهادتين يأتي بهما مرتين . أبي يوسف
( ولنا ) حديث وحديث عبد الله بن زيد أبي محذورة رضي الله تعالى عنهما في الأذان تسع عشرة كلمة ولن يكون ذلك إذا كان التكبير مرتين ثم قد بينا أن كل تكبيرتين بصوت واحد فكأنهما كلمة واحدة فيأتي بهما مرتين كما يأتي بالشهادتين .
( والثالث ) أن وعلى قول أهل آخر الآذان لا إله إلا الله المدينة لا إله إلا الله والله أكبر فاعتبروا آخره بأوله ويروون فيه حديثا ولكنه شاذ فيما تعم به البلوى والاعتماد في مثله على المشهور وهو حديث رضي الله تعالى عنه على ما توارثه الناس إلى يومنا هذا . عبد الله بن زيد