( إلا عصر يومه فإنه يؤديها عند غروب الشمس ) لأن هذا الوقت سبب لوجوبها حتى لو يلزمه أداؤها فيستحيل أن يجب عليه الأداء في هذا الوقت ويكون ممنوعا من الأداء وعلى هذا لو أسلم الكافر أو بلغ الصبي في هذا الوقت يتم الصلاة بالاتفاق ، ولو غربت الشمس وهو في خلال العصر فسدت صلاته عندنا ، وعند طلعت الشمس وهو في خلال الفجر لا تفسد اعتبارا بحالة الغروب واستدل بقوله عليه الصلاة والسلام { الشافعي } . من أدرك ركعة من الفجر قبل طلوع الشمس فقد أدرك
والفرق بينهما عندنا أن بالغروب يدخل وقت الفرض فلا يكون منافيا للفرض وبالطلوع لا يدخل وقت الفرض فكان مفسدا للفرض مفسد للجمعة ; لأنه لا يدخل وقت مثلها ، قال والأصح عندي في الفرق أن الطلوع بظهور حاجب الشمس وبه لا تنتفي الكراهة بل تتحقق فكان مفسدا للفرض ، والغروب بآخره وبه تنتفي الكراهة فلم يكن مفسدا للعصر لهذا ، وتأويل الحديث أنه لبيان الوجوب بإدراك جزء من الوقت قل أو كثر ، وعن كخروج وقت الجمعة في خلالها أن الفجر لا يفسد بطلوع الشمس ولكنه يصبر حتى إذا ارتفعت الشمس أتم صلاته وكأنه استحسن هذا ليكون مؤديا بعض الصلاة في الوقت ولو أفسدناها كان مؤديا جميع الصلاة خارج الوقت وأداء بعض الصلاة في الوقت أولى من أداء الكل خارج الوقت . ووقتان آخران ما بعد العصر قبل تغير الشمس وما بعد صلاة الفجر قبل طلوع الشمس فإنه لا يصلى فيهما شيء من النوافل لحديث { أبي يوسف رضي الله تعالى عنهما قال شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي ابن عباس أن النبي [ ص: 153 ] صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس عمر } وهذا الحديث يرويه أبو سعيد الخدري ومعاذ ابن عفراء رضوان الله عليهم وجماعة ولكن يجوز أداء الفريضة في هذين الوقتين وكذلك الصلاة على الجنازة وسجدة التلاوة ، إنما النهي عن التطوعات خاصة ألا ترى أنه يؤدى فرض الوقت فيهما فكذلك سائر الفرائض فأما لا تؤدى في هذين الوقتين عندنا خلافا الصلوات التي لها سبب من العباد كركعتي الطواف وركعتي تحية المسجد رحمه الله تعالى واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم { للشافعي } { إذا دخل أحدكم المسجد فليحيه بركعتين } فقد جوز لهما الاقتداء بالإمام بعد الفجر تطوعا . ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما صلى في مسجد الخيف رجلين لم يصليا معه فقال ما بالكما لم تصليا معنا فقالا إنا صلينا في رحالنا فقال إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما إمام قوم فصليا معهم
( ولنا ) ما روي أن رضي الله تعالى عنه طاف عمر بالبيت سبعا بعد صلاة الفجر ثم خرج من مكة حتى إذا كان بذي طوى فطلعت الشمس صلى ركعتين فقال ركعتان مكان ركعتين فقد أخر ركعتي الطواف إلى ما بعد طلوع الشمس . وتأويل الحديث الذي روي أنه كان قبل النهي عن الصلاة في هذا الوقت . فكذلك المنذورة لا تؤدى في هذين الوقتين ; لأن وجوبها بسبب من العبد فهي كالتطوع وركعتي الطواف ، وكذلك بعد ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتطوع في هذا الوقت مع حرصه على الصلاة حتى كان يقول وجعلت قرة عيني في الصلاة . طلوع الفجر قبل أن يصلي الفجر لا يصلي تطوعا إلا ركعتي الفجر
( فإن قيل ) لم يذكر في هذا الكتاب وقتا آخر وهو بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب والتطوع فيه مكروه أيضا ( قلنا ) نعم ولكن هذا النهي ليس لمعنى في الوقت بل لما فيه من تأخير المغرب كالنهي عن ليس لمعنى بل لما فيه من الاشتغال عن سماع الخطبة فلهذا لم يذكره هنا الصلاة عند الخطبة