قال ( وإن فسد فرضه إذا كان الوقت واسعا ) في قول ذكر الوتر في الفجر رحمه الله تعالى وعندهما لا يفسد ; لأن الوتر أضعف من الفجر والضعيف لا يفسد القوي واستدل أبي حنيفة رحمه الله تعالى بقوله صلى الله عليه وسلم { أبو حنيفة } فقد ذكر في الوتر ما ذكر في سائر المكتوبات فدل على وجوب الترتيب بين الوتر والمكتوبة ، ولا يبعد إفساد القوي بما هو أضعف منه لمراعاة الترتيب من نام عن الوتر أو نسيه فليصله إذا ذكره فإن ذلك وقته تبطل القعدة ، والسجدة أضعف من القعدة وفي الحقيقة هذه المسألة تنبني على معرفة صفة الوتر فنقول : لا خلاف بيننا أن الوتر أقوى من سائر السنن حتى أنها تقضى إذا انفردت بالفوات ألا ترى { كالمصلي إذا قعد قدر قعدة التشهد ثم تذكر سجدة التلاوة فسجد لها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة التعريس بدأ بقضاء الوتر والذي روي } لا وتر بعد الصبح المراد النهي عن تأخيرها لا نفي قضائها وكذلك تقضى بعد صلاة الفجر قبل طلوع الشمس فدل أنها أقوى من السنن وهي دون الفرائض حتى لا يكفر جاحدها ولا يؤذن لها ولا تصلى بالجماعة إلا في شهر رمضان واختلفوا وراء هذا فروى عن حماد بن زيد رحمه الله تعالى أن الوتر فريضة وروى أبي حنيفة يوسف بن خالد السمتي عنه أنها واجبة وهو الظاهر من مذهبه وروى أسد بن عمرو عنه أنها سنة مؤكدة وهو قول أبي يوسف رحمهما الله تعالى وحجتهما حديث { ومحمد } ، وروي { الأعرابي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه خمس صلوات في اليوم والليلة فقال هل علي غيرهن فقال لا إلا أن تطوع الأنصار يقال له أبو محمد قال الوتر فريضة فبلغ ذلك فقال كذب عبادة بن الصامت أبو محمد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فرض الله على عباده في اليوم والليلة خمس صلوات } . أن رجلا من
وقال الوتر سنة وليس بحتم وفي القرآن إشارة إلى ما قلنا فإن الله تعالى قال { علي حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى } ولن تتحقق الوسطى إلا إذا كان عدد الواجبات خمسا رحمه الله تعالى استدل بحديث وأبو حنيفة أبي بسرة الغفاري رضي الله تعالى عنه { } فبهذا تبين أن وجوب الوتر كان بعد سائر المكتوبات ; لأنه قال زادكم وأضاف إلى الله تعالى لا إلى نفسه والسنن تضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 156 ] وكذلك الزيادة إنما تتحقق في الواجبات ; لأنها محصورة بعدد النوافل فإنها لا نهاية لها وقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله تعالى زادكم صلاة ألا وهي الوتر فصلوها ما بين العشاء إلى طلوع الفجر رضي الله تعالى عنه الوتر ثلاث ركعات كالمغرب وفي رواية وتر الليل كوتر النهار ثم وتر النهار واجب فكذلك وتر الليل . وفي اتفاق الصحابة رضوان الله عليهم على تقدير التراويح بعشرين ركعة دليل على أن الواجبات في اليوم والليلة عشرون ركعة وذلك لا يكون إلا إذا كان الوتر واجبا ، غير أن وجوب الوتر ثبت بدليل موجب للعمل غير موجب علم اليقين فلهذا لا يكفر جاحده وتحط رتبته بسائر المكتوبات فلا يسمى فرضا مطلقا أما الفرض خمس صلوات كما ذكروا من الآثار فيه والفرق بين الفرض والواجبات ظاهر عندنا ابن مسعود