( قال ) والناس أحرار في كل شيء إلا في أربعة : في الشهادة ، والعقل ، والحدود ، والقصاص .
يعني بالشهادة أن فما لم يقم البينة على حريته لا يقضى بشهادته ، وبالعقل أن عاقلة القاتل خطأ إذا زعموا أنه عبد فما لم تقم البينة على حريته لا يعقلون جنايته وبالحدود إذا المشهود عليه إذا طعن في الشاهد أنه عبد ، فما لم تقم البينة على حريته لا يقيم عليه حد الأحرار ، وبالقصاص ادعى الزاني أنه عبد لا قصاص عليه ، فما لم تقم البينة على حريته لا يقضى عليه بالقصاص وهذا ; لأن ثبوت الحرية لمجهول الحال باعتبار الظاهر ، وهو أن الدار الإسلام فالظاهر من حال كل من هو فيه الحرية أو باعتبار استصحاب الحال من حيث إن الناس أولاد إذا قطع يد حر أو عبد وزعم أنه عبد آدم وحواء عليهما السلام وهما كانا حرين ، وهذا يصلح حجة لدفع الاستحقاق لا لإثبات الاستحقاق وشهادة الشاهد تثبت الاستحقاق .
وكذلك العاقلة تثبت استحقاق الدية عليهم ، وكذلك الحد والقصاص فالظاهر لهذا لا يكون حجة حتى تقوم البينة عليه وهو نظير اليد فإنها حجة لدفع الاستحقاق لا لإثباته حتى إنه باعتبار اليد في الجارية لا يستحق أولادها على الغير بخلاف ما إذا ثبت الملك فيها بالبينة فإن قامت البينة في هذه الفصول على أنه كان ملكا لفلان أعتقه وقضى القاضي بذلك ثم حضر المولى الغائب فأنكر ذلك فلا حاجة إلى إعادة البينة عليه ; لأن هذه بينة قامت على خصم وهو المنكر [ ص: 80 ] لحريته فإنه خصم عن الغائب لاتصال حقه بحق الغائب فالقضاء به عليه يكون قضاء على الغائب