الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) وإذا شهد أربعة على رجل بالزنا واختلفوا في المزني بها أو في المكان أو في الوقت بطلت شهادتهم وذلك ; لأن الزنا فعل يختلف باختلاف المحل والمكان والزمان وما لم يجتمع الشهود الأربعة على فعل واحد لا يثبت ذلك عند الإمام ، ولكن لا حد على الشهود عندنا ، وقال زفر رحمه الله : عليهم حد القذف ; لأن كل اثنين نسباه إلى زنى آخر فكانا قاذفين له ، وشرط سقوط الحد عنهم اجتماعهم على الشهادة بزنا واحد .

ألا ترى أنه لو شهد ثلاثة وسكت الرابع حد الثلاثة ؟ فكذلك إذا شهد كل اثنين على زنا آخر ; لأن الزنا لا يثبت بشهادة المثنى ، ولكنا نقول : قد اجتمع الأربعة على الشهادة عليه بالزنا ، وذلك منع من وجوب الحد عليهم ، كما لو شهد أربعة من الفساق بالزنا على رجل توضيحه أنا لو اعتبرنا اختلافهم في المزني بها أو في المكان أو في الزمان في إيراث الشبهة وذلك مسقط للحد عن المشهود عليه غير موجب للحد عليهم ، ويجعل في الحكم كأنهم امتنعوا من بيان ذلك أصلا ، ولو شهدوا عليه بالزنا وامتنعوا من بيان المزني بها والمكان والزمان لا يقام الحد على المشهود عليه ولا عليهم فهذا مثله .

( قال ) وإذا شهدوا على بيت واحد أنه زنى بها فيه ، فقال اثنان : في مقدمه وقال اثنان : في مؤخره في القياس لا حد على المشهود عليه وهو قول زفر رحمه الله تعالى ; لأن الفعل في مقدم البيت غير الفعل في مؤخر البيت وهو بمنزلة الشهادة في بيتين أو قبيلتين ، وفي الاستحسان يقام الحد على المشهود عليه عندنا ; لأنهم اجتمعوا على فعل واحد واختلفوا فيما لم يكلفوا نقله ، والتوفيق ممكن فوجب قبول شهادتهم كما لو اختلفوا في ثيابها حين زنى بها وبيان الوصف أنهم لو شهدوا أنه زنى بها في هذا البيت لم يسألهم القاضي إن كان في مقدمه أو في مؤخره ، وبيان إمكان التوفيق من وجهين ( أحدهما ) [ ص: 62 ] أن ابتداء الفعل كان في مقدم البيت وانتهاءه كان في مؤخره لاضطرابهما أو كان في وسط البيت فظن اثنان أن ذلك الموضع من مقدم البيت واثنان أنه من مؤخر البيت فشهدوا على ما وقع عندهم بخلاف البيتين والقبيلتين فالتوفيق هناك غير ممكن ، ثم هذا الاستحسان منا لتصحيح الشهادة لا لإقامة الحد فإنما يستحسن لدرء الحد ولم يذكر إذا تقارب اختلافهم في الزمان ، والجواب فيه كالجواب في المكان إذا تقارب على وجه يمكن التوفيق تقبل شهادتهم استحسانا ، ولو اختلفوا في الثوب الذي كان عليه حين زنى بها لم تبطل شهادتهم ; لأنهم لو امتنعوا من بيان ثوبه حين زنى لم يقدح ذلك في شهادتهم فعرفنا أنهم اختلفوا فيما لم يكلفوا نقله والتوفيق ممكن لجواز أن يكون عليه ثوبان وقع بصر اثنان على أحدهما وبصر الآخرين على الآخر

التالي السابق


الخدمات العلمية