( قال ) فلا حد عليه ; لأنه ما نسبه ولا أمه إلى صريح الزنا فالفجور قد يكون بالزنا وغير الزنا ، والقحبة من يكون منها ذلك الفعل فلا يكون هذا قذفا بصريح الزنا ، فلو أوجبنا به الحد إنما يوجب بالقياس ، ولا مدخل للقياس في الحد ، ولو رجل قال لآخر : يا فاسق يا خبيث أو يا فاجر أو يا ابن الفاجر أو يا ابن القحبة لا حد عليه في شيء من ذلك ، ولكنه عليه التعزير ; لأنه ارتكب حراما وليس فيه حد مقدر ، ولأنه ألحقه نوع شين بما نسبه إليه فيجب التعزير لدفع ذلك الشين عنه ، ولو قال يا آكل الربا أو يا خائن أو يا شارب الخمر لم يعزر في شيء من ذلك ; لأن من عادة قال : يا حمار أو يا ثور أو يا خنزير العرب إطلاق هذه الألفاظ بمعنى البلادة أو الحرص ، ولا يريدون به الشتيمة ، ألا ترى أنهم يسمون به ؟ فيقال : عياض بن حمار ، ولأن [ ص: 120 ] المقذوف لا يلحقه شين بهذا الكلام ، وإنما يلحق القاذف فكل أحد يعلم أنه آدمي وليس بحمار ، وأن القاذف كاذب ، وكذلك لو قال : يا كلب ، وحكي عن وسفيان الثوري الهندواني أنه قال يعزر في عرف ديارنا ; لأن هذا اللفظ فينا يذكر للشتيمة والأصح أنه لا يعزر ; لأن من عادة العرب إطلاق هذا الاسم لمعنى المبالغة في الطلب وقلة الاستحياء ، فقد يسمون به كالكلبي ونحوه ثم كل أحد يعلم أنه كاذب فالشين يلحقه دون المقذوف