ثم اختلفوا في فقال علماؤنا رحمهم الله تعالى : عشرة دراهم أو دينار ، وقال مقدار النصاب رحمه الله : ربع دينار ، وقال رحمه الله : ثلاثة دراهم ، وقال الشافعي رحمه الله تعالى خمسة دراهم ، وقال ابن أبي ليلى عكرمة رحمه الله تعالى أربعة دراهم وعن أبي هريرة رضي الله عنهما أربعون درهما واستدل وأبي سعيد الخدري رحمه الله تعالى بحديث الشافعي الزهري عن عروة عن رضي الله تعالى عنهما { عائشة } ، ولأنهم اتفقوا على أن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال القطع في ربع دينار فصاعدا واختلف في ثمن المجن ، وعند الاختلاف في القيمة يؤخذ بالأقل ، كما إذا القطع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان إلا في ثمن المجن يؤخذ بالأقل في ذلك فأقل ما نقل فيه ثلاثة دراهم ، فلهذا قدر اختلف المقومون في قيمة المسروق رحمه الله تعالى النصاب به . مالك
وقد كانت قيمة الدينار على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اثني عشر درهما فثلاثة دراهم يكون ربع دينار رحمه الله تعالى يستدل بحديث وابن أبي ليلى رضي الله عنه لا تقطع الخمس إلا بخمسة يعني اليد التي عليها خمسة أصابع لا تقطع إلا بخمسة دراهم ، ومن اعتبر بأربعين استدل بحديث عثمان رضي الله عنها { عائشة } ، وهذا منها إشارة إلى أنه كان مالا خطيرا والخطير ما يكون مقدارا يعتبر لإيجاب الزكاة فيه وأدنى ذلك الأربعون في نصاب الشياه . كانت اليد لا تقطع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشيء التافه فكانت تقطع في ثمن المجن ، وهو كان يومئذ ذا ثمن
وعلماؤنا رحمهم الله استدلوا بحديث عن أبيه عن جده { عمرو بن شعيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا قطع إلا في دينار أو عشرة دراهم } وعن رضي الله عنه موقوفا ومرفوعا { ابن مسعود } وهكذا عن لا تقطع اليد إلا في دينار أو في عشرة دراهم رضي الله عنه ، وفي الحديث المعروف { علي } ، وعن لا مهر أقل من عشرة ، ولا قطع في أقل من عشرة دراهم أيمن بن أبي أيمن وابن عباس رضي الله عنهم { وابن عمر } والرجوع إلى قولهم أولى ; لأنهم من جلة الغزاة فكانوا أعرف بقيمة السلاح من غيرهم وليس هذا من جملة ما قال إن [ ص: 138 ] الأخذ بالأقل أولى ; لأن في قيمة المسروق إنما يؤخذ بالأقل لدرء الحد ، وذلك يوجب أن يؤخذ بالأكثر هاهنا ; لأن معنى درء الحد فيه ، وقد روي أن أن المجن الذي قطعت اليد فيه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يساوي عشرة دراهم رضي الله تعالى عنه عنه أتي بسارق سرق ثوبا فأمر بقطع يده ، قال عمر رضي الله تعالى عنه إن سرقته لا تساوي عشرة دراهم فأمر بتقويمه فقوم بثمانية دراهم فدرأ الحد عنه فدل أنه كان ظاهرا معروفا فيما بينهم أن النصاب يتقدر بعشرة دراهم ويعتبر نصاب الحد بنصاب المهر ، وقد قامت الدلالة لنا على أن أدناه عشرة دراهم والمستحق بكل واحد منهما ماله خطر ، وهو مصون عن الابتذال فلا يستحق إلا بمال خطير والحديث الذي رواه عن عثمان رضي الله عنها اضطرب أهل الحديث فيه وأكثرهم على أنه غير مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان عائشة رحمهما الله تعالى إذا سمع من يروي هذا الحديث مرفوعا رماه بالحجارة . القاسم بن عبد الرحمن
والدليل عليه ما اشتهر من قول رضي الله عنها كانت اليد لا تقطع في الشيء التافه وكانت تقطع في ثمن المجن ، فلو كان عندها نص لما اشتغلت بهذا الجواب المبهم ثم يحتمل أنه كان التقدير بربع دينار في الابتداء ثم انتسخ ذلك بعشرة دراهم ليكون الناسخ أخف من المنسوخ قال الله جل وعلا { عائشة ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها } ثم في ظاهر الرواية المعتبر عشرة دراهم من النقرة المضروبة حتى روى ابن رستم عن رحمهما الله تعالى إذا سرق نقرة لا تساوي عشرة دراهم مضروبة فلا قطع عليه ، وروى محمد الحسن عن رحمهما الله تعالى أن المعتبر عشرة دراهم من النقد الغالب بعد أن تكون الفضة فيها غالبة على الغش ، وأما ما يغلب عليه الغش فهو من الفلوس لا من الدراهم ، والأول أصح لما بينا أن شرط العقوبة يراعى وجوده بصفة الكمال ، فإذا كانت الدراهم مغشوشة فالغش ليس من الفضة في شيء ، ولو أوجبنا القطع عليه كان إيجاب القطع في موضع الشبهة وما يندرئ بالشبهات لا يستوفى مع الشبهة ، فلهذا اعتبرنا عشرة دراهم من النقرة المضروبة ثم المعتبر عشرة دراهم من وزن سبعة ، فإنه هو المعتبر في وزن الدراهم في غالب البلدان ، وقد بينا تفسير ذلك فيما أمليناه من شرح الإفرار أبي حنيفة