( قال ) وإن لم تجز شهادتهما على هذا وضمنا دية يد الأول هكذا روي عن شهد شاهدان على رجل بالسرقة فقطعت يده ثم أتيا بإنسان آخر وقالا هذا السارق الذي شهدنا عليه ، ولكنا أخطأنا بذلك رضي الله عنه أنه أتي برجل شهد عليه رجلان بالسرقة فقطع يده ثم أتيا بآخر فقالا : وهمنا يا أمير المؤمنين إنما السارق هذا فقال : لا أصدقكما على الثاني وأغرمكما دية اليد ولو علمت أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما ، وبه يستدل علي في وجوب القصاص على الشهود وقطع اليدين بيد واحدة . الشافعي
ولكنا نقول : إنما ذكر هذا اللفظ على سبيل التهديد ، ولم يكن كذبا منه ; لأنه علقه بشرط لا سبيل إلى معرفته ، وقد صح عن رضي الله عنه أن اليدين لا يقطعان بيد واحدة ذكره علي في كتاب الرجوع ، والمعنى أنهما شهدا على أنفسهما بالغفلة وتناقض كلامهما في الشهادة على الثاني ، فقد رجعا عن الشهادة على الأول فكانا ضامنين لما استوفى بشهادتهما ، وإن لم يرجعا ، ولكنهما وجدا عبدين كانت دية اليد على بيت المال ; لأن هذا خطأ من الإمام لما استوفاه لله تعالى فإن محمد درئ الحد ، ولكن السرقة تسلم للمشهود له ; لأن رجوعهما بعد القضاء مبطل للقضاء فيما كان عقوبة لتمكن الشبهة أو فيما كان حقا لله تعالى ; لأن تمامه بالاستيفاء ، فأما فيما هو حق العبد فالشهادة تتأكد بنفس القضاء والرجوع لا يبطل حق المقضي له والمال حق المسروق منه ، ولهذا لا يبطل حقه برجوعهما بعد القضاء ، وإن لم يرجعا عند الحاكم ، ولكن شاهدين شهدا عليهما بالرجوع قبل القطع أو بعده فلا معتبر بهذه الشهادة وتقطع يد السارق ; لأن الرجوع عن الشهادة معتبر بالشهادة والشهادة في غير مجلس الحكم لا توجب شيئا ، فكذلك الرجوع ، فإنما شهد هذين على رجوع باطل رجعا عن شهادتهما بعد الحكم بالسرقة قبل أن تقطع يده أو قالا شككنا في شهادتنا