( قال ) وإذا فإن كان يصيب كل واحد منهم من المال المصاب عشرة دراهم فصاعدا فعليهم الحد عندنا ، وقال أخذهم الإمام قبل أن يتوبوا ، وقد أصابوا المال رحمه الله تعالى : الشرط أن يكون نصيب كل واحد منهم عشرين درهما فصاعدا ; لأن التقدير بالعشرة في موضع يكون المستحق بأخذ المال قطع عضو واحد وها هنا المستحق قطع عضوين ، ولا يقطع عضوان في السرقة إلا باعتبار عشرين درهما ، ولكنا نقول هذا حد هو جزاء على أخذ المال فيستدعي مالا خطيرا ، وقد بينا أن العشرة مال خطير فيستحق به إقامة الحد ، كما يستحق به القطع بالسرقة ثم تغلظ الحد هاهنا باعتبار تغلظ فعلهم باعتبار المحاربة وقطع الطريق لا باعتبار كثرة المال المأخوذ ففي النصاب هذا الحد وحد السرقة سواء ، وإن كان لا يصيب كل واحد منهم عشرة دراهم درئ الحد عنهم إلا على قول الحسن بن زياد رحمه الله وهكذا مذهبه في الصغرى ، فإنه يعتبر أن يكون المأخوذ في نفسه نصابا كاملا سواء أخذه الواحد أو الجماعة . مالك
ولكنا نقول إقامة الحد على كل واحد منهم باعتبار ما يصيبه من المال فلا بد من أن يكون خطيرا في نفسه وما دون النصاب في نفسه تافها ثم يضمنون المال إذا درئ الحد عنهم إن شاءوا استوفوا ، وإن شاءوا عفوا ، وقد طعن والأمر في القصاص في النفس وغيرها إلى الأولياء رحمه الله تعالى في هذه المسألة فقال يقتلهم الإمام حدا ; لأنهم لو قتلوا ، ولم يأخذوا شيئا من المال قتلهم الإمام حدا لا قصاصا والردء والمباشر فيه سواء ، فكذلك إذا أخذوا مع القتل مالا يبلغ نصيب كل واحد منهم نصابا إما ; لأن ما دون النصاب لما لم يتعلق به حكم فوجوده كعدمه أو ; لأنه تتغلظ جنايتهم بأخذ شيء من المال وما يغلظ الجناية لا يكون مسقطا للحد ، ولكن ما ذكر في الكتاب أصح ; لأن وجوب الحد عليهم باعتبار ما هو المقصود والظاهر أنهم يقصدون بقطع الطريق أخذ المال ، وإنما يقدمون على القتل ليتمكنوا من أخذ المال ، فإذا لم يأخذوا المال عرفنا أن مقصودهم لم يكن المال ، وإنما كان القتل فأوجبنا عليهم الحد قتلا بالقتل الموجود منهم ، وإن أخذوا المال عرفنا أن مقصودهم كان أخذ المال وأن إقدامهم على القتل كان للتمكن من أخذ المال فباعتبار ما هو المقصود لا يمكن إيجاب الحد عليهم إذا كان ما يصيب كل واحد منهم ما دون النصاب ، فلهذا قال عيسى رحمه الله تعالى يدرأ الحد عنهم ويبقى حكم القصاص محمد