قال : ( وإذا فله ذلك عند افتتح التطوع قائما ثم أراد أن يقعد من غير عذر استحسانا ) وقال أبي حنيفة أبو يوسف - رحمهما الله تعالى - لا يجزئه قياسا ; لأن الشروع ملزم كالنذر ومحمد ، فكذلك إذا شرع قائما لم يجزه أن يقعد فيهما ، فكذلك إذا شرع قاعدا ، ومن نذر أن يصلي ركعتين قائما لم يجزه أن يقعد فيهما يقول : وأبو حنيفة كالقعود في الفرض بعذر ، ثم هناك لا فرق بين حال الابتداء أو البقاء فكذلك هنا ، وهذا لأنه في الابتداء كان مخيرا بين القيام والقعود ، وخياره فيما لم يؤد باق ، والشروع إنما يلزمه ما باشر ولا صحة لما باشر إلا به ، وللركعة الأولى صحة بدون القيام في الركعة الثانية بدليل حالة العذر فلم يلزمه القيام بالشروع ، بخلاف النذر فهو التزام بالتسمية ، وقد نص فيه على صفة القيام ولا رواية فيما إذا أطلق النذر فقيل يلزمه بصفة القيام اعتبارا لما يوجبه على نفسه بما يوجب الله تعالى عليه مطلقا ، وقيل : لا يلزمه لأن القيام وراء ما به يتم التطوع [ ص: 209 ] ولا يلزمه إلا بالتنصيص عليه كالتتابع في الصوم وقيل هو على الخلاف على قياس ما مر في الشروع ، فإن القعود في التطوع بلا عذر أجزأه لما روي عن افتتحها قاعدا فقضى بعضها قائما وبعضها قاعدا رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم { عائشة كان يفتتح التطوع قاعدا فيقرأ ورده حتى إذا بقي عشر آيات أو نحوها قام مقام قراءته ثم ركع وسجد ، وهكذا كان يفعل في الركعة الثانية } فقد انتقل من القعود إلى القيام ومن القيام إلى القعود فدل أن ذلك جائز في التطوع .