قال : ( وإن صلى صلاة المسافر عندنا ) ، وقال خرج من مصره مسافرا بعدما دخل وقت الصلاة رحمه الله تعالى يصلي صلاة المقيم ، وقال ابن شجاع رضي الله تعالى عنه إذا الشافعي صلى أربعا وهو بناء على أن وجوب الصلاة عندهما بأول الوقت ، فإذا كان مقيما في أول الوقت وجب عليه صلاة المقيمين فلا يسقط ذلك بالسفر ، وعندنا الوجوب يتعلق بآخر الوقت ; لأنه مخير في أول الوقت بين الأداء ، والتأخير والوجوب ينفي التخير ، والتخير ينفي الوجوب ، ولو مات في الوقت لقي الله تعالى ولا شيء عليه ، فدل أن الوجوب يتعلق بآخر الوقت ، فإذا كان مسافرا في آخر الوقت كان عليه صلاة السفر ، وقال مضى من الوقت مقدار [ ص: 238 ] ما يصلي فيه أربع ركعات ثم خرج مسافرا رحمه الله تعالى إذا زفر يصلي صلاة السفر ، وإن كان الباقي من الوقت ما دون ذلك صلى صلاة المقيم ; لأن التأخير لا يسعه إلى وقت لا يتمكن فيه من أداء الصلاة في الوقت ، ولكنا نقول : جزء من الوقت بمنزلة جميعه ، ألا ترى أن إدراك جزء من الوقت وإن قل سبب لوجوب الصلاة فوجود السفر في ذلك الجزء كوجوده في جميع الوقت ، والدليل عليه أن الصلاة لا تصير دينا في ذمته إلا بخروج الوقت ، فإذا صار مسافرا قبل أن يصير دينا في ذمته صلى صلاة المسافرين ، فإذا صارت دينا في ذمته بخروج الوقت قبل أن يصير مسافرا لا يتغير ذلك بالسفر ، ويعتبر جانب السفر بجانب الإقامة ، فإنه لو دخل مصره قبل فوات الوقت صلى صلاة المقيمين ، وإن كان الباقي من الوقت شيئا يسيرا فكذلك في جانب السفر ، ولا يحتاج إلى نية الإقامة إذا دخل مصره ; لأن { خرج مسافرا وقد بقي من الوقت مقدار ما يمكنه أن يصلي فيه النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج مسافرا إلى الغزوات ثم يعود إلى المدينة ، ولا يجدد نية الإقامة } .