، وإن فله أن يربط فيه دابته وبعيره وشاته وهذا إذا كان في الدار موضع معد لذلك وهو المربط فإن لم يكن فليس له اتخاذ المربط في ديارنا ; لأن المنازل استأجرها للسكنى كل شهر بكذا ببخارى تضيق عن سكنى الناس فكيف تتسع لإدخال الدواب فيها وإنما هذا الجواب بناء على عرفهم في الكوفة لما في المنازل بها من السعة وله أن يسكنها من أحب ; لأنه قد يأتيه ضيف فيسكن معه أياما وقد يحتاج إلى أن يسكنها صديقا له بأجر أو بغير أجر ، وقد بينا أن ذلك لا يضر بالبناء فلا يمنع منه ، فإن تصدق بالفضل إلا أن يكون أصلح منها بناء أو زاد فيها شيئا فحينئذ يطيب له الفضل وعلى قول أجرها بأكثر مما استأجرها به رحمه الله يطيب له الفضل على كل حال بناء على أصله أن المنافع كالأعيان الموجودة حكما فتصير مملوكة له بالعقد مسلمة إليه بتسليم الدار فكان بمنزلة من اشترى شيئا وقبضه ، ثم باعه وربح فيه فالربح يطيب له ; لأنه ربح على ملك حلال له ، ولكنا نقول : المنافع لم تدخل في ضمانه ، وإن قبض الدار ; بدليل أنها [ ص: 131 ] لو انهدمت لم يلزمه الأجر فهذا ربح حصل لا على ضمانه { الشافعي } ، ثم المنافع في حكم الاعتياض إنما تأخذ حكم المالية والتقوم بالتسمية بدليل أن المستعير لا يؤاجر وهو مالك للمنفعة فإن المعير يقول له ملكتك منفعتها وجعلت لك منفعتها ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن
ولو أضاف الإعارة إلى ما بعد الموت يثبت ملك المنفعة للموصى له فكذلك إذا أوجبها له في حياته ومع ذلك يؤاجر ; لأنه ليس بمقابلتها تسمية فكذلك هنا وفيما زاد على المسمى في العقد الأول لا تسمية بمقابلة المنفعة في قصده فلا يكون له أن يستفضل ، وبهذا تبين أنها ليست كالعين فإن من يملك العين بالهبة يجوز له أخذ العوض بالبيع إلا أن يكون زاد فيه شيئا فحينئذ يجعل الفضل بمقابلة تلك الزيادة فلا يظهر الفضل الخالي عن المقابلة ، وكذلك إذا أجره بجنس آخر ; لأن الفضل عند اختلاف الجنس لا يظهر إلا بالتقوم والعقد لا يوجب ذلك ، فأما عند اتحاد الجنس يعود إليه ما غرم فيه بعينه ويتيقن بالفضل فعليه أن يتصدق به لأنه حصل له بكسب خبيث بمنزلة المستعير إذا أجر فعليه أن يتصدق بالأجر .