( قال ) لظاهر قوله تعالى { والجماعة من شرائطها فاسعوا إلى ذكر الله } ولأنها سميت جمعة وفي هذا الاسم ما يدل على اعتبار الجماعة فيها . ويختلفون في مقدار العدد فقال رضي الله عنه ثلاثة نفر سوى الإمام وقال أبو حنيفة رضي الله عنه اثنان سوى الإمام لأن المثنى في حكم الجماعة حتى يتقدم الإمام عليهما وفي الجماعة معنى الاجتماع وذلك يتحقق بالمثنى وجه قولهما الاستدلال بقوله تعالى { أبو يوسف إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله } وهذا يقتضي مناديا وذاكرا وهو المؤذن والإمام والاثنان يسعون لأن قوله فاسعوا لا يتناول إلا المثنى ثم ما دون الثلاث ليس بجمع متفق عليه فإن أهل اللغة فصلوا بين التثنية والجمع فالمثنى وإن كان فيه معنى الجمع من وجه فليس بجمع مطلق واشتراط الجماعة ثابت مطلقا ثم يشترط في الثلاثة أن [ ص: 25 ] يكونوا بحيث يصلحون للإمامة في صلاة الجمعة حتى أن نصاب الجمعة لا يتم بالنساء والصبيان ويتم بالعبيد والمسافرين لأنهم يصلحون للإمامة فيها وقال رضي الله تعالى عنه : النصاب أربعون رجلا من الأحرار المقيمين وهذا فاسد . فإن الشافعي أقام الجمعة مصعب بن عمير بالحديبية مع اثني عشر رجلا أقامها بتسعة عشر رجلا ولما نفر الناس في اليوم الذي دخل فيه العير وأسعد بن زرارة المدينة كما قال الله تعالى { وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها } بقي رسول الله صلى الله عليه وسلم مع اثني عشر رجلا فصلى بهم الجمعة ولا معنى لاشتراط الإقامة والحرية فيهم لأن درجة الإمامة أعلى فإذا لم يشترط هذا في الصلاحية للإمامة فكيف يشترط فيمن يكون مؤتما ولا وجه لمنع هذا فقد { بمكة حتى قال لأهل مكة : أتموا يا أهل مكة صلاتكم فإنا قوم سفر } أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة