ولو فإنه لا يجبر على الدفع إليه ; لأن المديون إنما يقضي الدين بملك نفسه ، فهو بالتصديق يثبت له حق القبض في ملكه ، وإقراره في ملك نفسه ملزم ، فأما في الوديعة فهو بالتصديق يقر بحق القبض له في ملك الغير ، وقوله ليس بملزم في حق الغير وقد روي عن جاء إلى المودع وقال : " أنا وكيل صاحب الوديعة في قبض الوديعة منك " فصدقه - رحمه الله - أن المودع إذا صدق مدعي الوكالة فيها يجبر على دفعها إلى الوكيل ; لأن بإقرار الوكيل يكون أولى بإمساكها منه ، واليد حقه فإقراره بها لغيره يكون ملزما ، ولأنه يقر أنه يصير ضامنا بالامتناع من الدفع إلى الوكيل بعد طلبه ، وإقراره بسبب الضمان على نفسه مثبت إياه ، ولا يثبت ذلك الضمان [ ص: 21 ] إلا بثبوت الوكالة ، فأجبر على الدفع إليه . ولو كان أبي يوسف أهل الذمة لم تجز شهادتهم على الوكالة ، سواء أقر المسلم بالوكالة أو أنكرها ، أما إذا أنكرها فلأن في هذه الشهادة إلزام الجواب على المسلم عند دعوى الوكيل ، وأما إذا أقر بها فلأن إقراره بالوكالة لا يلزمه الجواب هنا لما بينا أن إقراره لحق الغير ، فإنه يلزمه ذلك بشهادة الشهود ، مسلم في يده دار ادعى ذمي فيها دعوى ، ووكل وكيلا بشهادة أهل الذمة لا تكون حجة على المسلم ، وإن كان ذلك في دين وهو مقر به وبالوكالة ، أجبرته على دفعه إلى الوكيل ; لأنه ليس في هذه الشهادة إلزام شيء على المسلم ، وصار مجبرا بإقراره على دفع الدين إلى الوكيل . وشهادة
قال : " وليس هذا كالوكالة بالخصومة " يريد به أن بإقرار المطلوب يكون هذا وكيل الطالب بالخصومة ، ولا يلزمه الجواب ; لأن إقراره يتناول حق الغير فهو بمنزلة إقراره بالوكالة بقبض العين بخلاف إقراره بالوكالة بقبض الدين .