ولو فهو فاسد ، وهذه مسألة دفع البذر مزارعة ، وقد بينا قول دفع بذرا إلى صاحب الأرض على أن يزرعه في أرضه على أن الخارج بينهما نصفان - رحمه الله - وحكم هذه المسألة على ظاهر الرواية نفي الإشكال في أنه أوجب لصاحب الأرض أجر مثل أرضه ، ولم يسلم الأرض إلى صاحب البذر فكيف يستوجب عليه أجر مثله ؟ ، ولكنا نقول صارت منفعته ومنفعة الأرض حكما كلها مسلمة إلى صاحب البذر لسلامة الخارج له حكما ، وكذلك إن لم تخرج الأرض شيئا ; لأن عمل العامل بأمره في إلقاء البذر كعمله بنفسه فيستوجب عليه أجر المثل في الوجهين جميعا ، وإن قالا على أن الخارج لصاحب البذر فهو جائز ، وصاحب البذر معين له في العمل معير لأرضه لأنه ما شرط بإزاء منافعه ومنافع أرضه عوضا فيكون متبرعا بذلك كله ، وإن أبي يوسف لم يجز ; لأنه نص على استئجار الأرض والعامل بجميع الخارج حين قال : ازرعه لي في أرضك ، والخارج كله لصاحب البذر وعليه للعامل أجر مثل أرضه وعمله ، وإن قال ازرعه لي في أرضك على أن الخارج لك لم يجز ; لأن قوله ازرعه لنفسك تنصيص على إقراض البذر منه ، ثم شرط جميع الخارج لنفسه عوضا عما أقرضه وهذا شرط فاسد ; لأن القرض مضمون بالمثل شرعا ، ولكن [ ص: 25 ] القرض لا يبطل بالشرط الفاسد ، والخارج كله لرب الأرض ، وعليه مثل ذلك البذر لصاحبه ، ولو قال ازرعه في أرضك لنفسك على أن الخارج لي لم يجز ذلك فيما بينهما وبين الأجنبي ، وهو فيما بينهما جائز ، وثلث الخارج لصاحب الأرض وثلثاه لصاحب البذر ; لأن صاحب البذر استأجر بثلث الخارج وذلك فاسد ، كما لو كانت الأرض مملوكة له ، وهذا فيما بينهما في معنى اشتراط عمل رب الأرض مع العامل ولكنهما عقدان مختلفان ، أحد العقدين على منفعة الأرض ، والآخر على منفعة العامل ، فالمفسد في أحدهما لا يفسد الآخر ، فلهذا كان لصاحب الأرض ثلث الخارج والباقي كله لصاحب البذر وعليه أجر مثل الرجل الذي عمل معه ، وقد أجاب بعد هذا في نظير هذه المسألة فقال : يفسد العقد كله وإنما اختلف الجواب لاختلاف الموضوع فإنه قال هناك : على أن يعمل معه الرجل الآخر فبهذا اللفظ يصير العقد الفاسد مشروطا في العقد الذي جرى بين صاحب الأرض وبين صاحب البذر فيفسد كله ، وهنا قال ويعمل معه الرجل الآخر والواو للعطف لا للشرط ، فقد جعل العقد الفاسد معطوفا على العقد الصحيح لا مشروطا فيه ، فلهذا لم يفسد العقد بين صاحب الأرض وصاحب البذر ، ولو دفع إليه الأرض على أن يزرع ببذره وبقره ، ويعمل فيها معه هذا الأجنبي كانت المزارعة جائزة ، والخارج أثلاثا كما اشترطوا ; لأن صاحب الأرض والبذر استأجر عاملين وشرط لكل واحد منهما ثلث الخارج وذلك صحيح والله أعلم بالصواب . كان البذر من قبل رب الأرض