ولو فهو جائز ; لأن التالة للأشجار بمنزلة البذر للخارج ، واشتراط ذلك على العامل في المزارعة صحيح ، فكذلك اشتراط الغرس على العامل بعد أن تكون المدة معلومة ، وما زرع وغرس بينهما نصفان حبه وتبنه وثمره ورطبه وأصول الرطب وعنبه وكرمه وأصول الكرم وحطبه وعيدانه ; لأن هذا كله حاصل بعمله وبقوة أرض صاحبه فإن الغروس تتبدل بالعلوق . دفع إليه أرضا عشرين سنة على أن يزرعها ، ويغرسها ما بدا له على أن ما أخرج الله - تعالى - من ذلك فهو بينهما نصفان
( ألا ترى ) أن من غصب تالة فغرسها كان الشجر له بمنزلة ما لو غصب بذرا فزرعه ، فإن كان الكل حاصلا بعمله ، وقد اشترطا المناصفة في جميعه كان الكل بينهما نصفين ، ولو اشترطا أن الثمر بينهما جاز والثمر بينهما على ما اشترطا ، فأما الشجر والكرم وأصول الرطبة فهو للغارس يقلعه إذا انتقضت المعاملة ، وهو نظير ما بينا إذا شرط المناصفة في الحب أن التبن كله لصاحب البذر ، فهذا أيضا الثمر بينهما نصفان ، كما شرطا ، والشجر وأصول الرطبة كله للغارس ; لأن استحقاقه باعتبار ملك الأصل لا بالشرط ويقلعه انقضت المعاملة ; لأن عليه تسليم الأرض إلى صاحبها فارغة ولا يتمكن من ذلك إلا بقلع [ ص: 62 ] الأشجار ، وكذلك لو كانا شرطا ذلك للغارس وإن كانا شرطاه لرب الأرض كانت المعاملة فاسدة كما بينا في التبن ; لأن استحقاق رب الأرض بالشرط ، فلو جوزنا هذا الشرط أدى إلى أن يثبت له استحقاق الخارج قبل أن يثبت لصاحبه بالشروط ، وربما لا يثبت لصاحبه بأن لا تحصل له الثمار ، ولو كان الغرس والبذر من قبل صاحب الأرض كان جائزا في جميع هذه الوجوه إلا أن يشترط الشجر والكرم وأصول الرطبة للعامل ، فحينئذ تفسد المعاملة ; لأن استحقاق العامل هنا بالشرط ، فلا يجوز أن يسبق استحقاق صاحب الأرض في الخارج ، وإن شرطا الثمر لأحدهما بعينه ، والشجر بينهما نصفان لم يجز ; لأن المقصود بالمعاملة الشركة في الثمار ، فهذا شرط يؤدي إلى قطع الشركة بينهما فيما هو المقصود ، فيفسد به العقد ، كما لو شرطا في المزارعة الحب لأحدهما بعينه ، والتبن بينهما نصفين ، وقد بينا هذا ، وإن اشترطا في المزارعة أن ما خرج منها من حنطة فهو بينهما نصفان ، وما خرج من شعير فهو لصاحب البذر كله يستوفيه فيأخذه ، فهذه مزارعة فاسدة ، وكذلك لو شرطا الشعير الذي سرق منها للذي ليس من قبله البذر فهو فاسد ، والمراد من هذا أنه قد يكون في الحنطة حبات شعير ، فتقلع ، وذلك إذا اشتد حبه قبل أن تدرك الحنطة وتجف فإذا شرطا ذلك لأحدهما بعينه فسد العقد ; لأن الحنطة والشعير كل واحد منهما ريع مقصود ، فهذا الشرط يؤدي إلى قطع الشركة في ريع مقصود ، وذلك مفسد للعقد ومن الجائز أن يحصل الشعير ، ويصيب الحنطة آفة فيختص به أحدهما ، وذلك ينفي صحة المزارعة بينهما