ولو فهو جائز من أيهما شرط البذر ; لأن هذه عقود مختلفة بعضها معطوف على البعض ، ففي السنة الأولى عقد إجارة مطلق ، وفي السنة الثانية مضاف إلى وقت الإجارة تحتمل الإضافة إلى وقت في المستقبل ، فيجعل في حق كل عقد من هذه العقود كأنهما أفردا ذلك العقد بخلاف الأول ، والعقد هناك واحد باتحاد المدة ، وإنما التغاير في شرط البدل ، ثم جواز المزارعة للحاجة ، وهما يحتاجان إلى هذا ; لأن الأرض في السنة الأولى يكون فيها من القوة ما لا يحتاج إلى زيادة عمل لتحصيل الريع ، وفي السنة الثانية يحتاج إلى زيادة العمل لنقصان تمكن في قوة الأرض بالزراعة في السنة الأولى فيشترط للمزارع زيادة في السنة الثانية باعتبار زيادة عمله ، وكذلك لو دفع إليه أرضا يزرعها خمس سنين ما بدا له على أن ما خرج منها من شيء في السنة الأولى فهو بينهما نصفان ، وفي السنة الثانية لرب الأرض الثلث ، وللمزارع الثلثان ، وسميا لكل سنة شيئا معلوما فهو جائز ; لأنهما عقدان مختلفان أحدهما معطوف على الآخر ، ففي السنة الأولى العامل مستأجر للأرض بنصف الخارج ، وفي السنة الثانية رب الأرض مستأجر للعامل بنصف الخارج ، وكل واحد من العقدين صحيح عند الانفراد ، فكذلك عند الجمع بينهما ، وهو بمنزلة رجل دفع عبده [ ص: 65 ] إلى حائك يقوم عليه في تعليم الحياكة خمسة أشهر على أن يعطيه في كل شهر خمسة دراهم ، وعلى أن يعطيه الحائك في خمسة أشهر أخرى في كل شهر عشرة دراهم فهو جائز على ما اشترطا للمعنى الذي بينا اشترطا أن البذر في السنة الأولى من قبل الزارع ، وفي السنة الثانية من قبل رب الأرض ، وبينا نحو ذلك في كل سنة