( فرع ) قال ابن عرفة الشيخ في المجموعة وكتاب لأشهب : لا يجوز أن يقضي القاضي لنفسه ابن سحنون ولابن رشد في رسم تأخير صلاة العشاء من سماع ابن القاسم له الحكم بالإقرار على من انتهك ماله فيعاقبه ويتمول المال بإقراره ولا يحكم بشيء من ذلك بالبينة ودليله قطع رضي الله عنه يد الأقطع الذي سرق عقد زوجته الصديق لما اعترف بسرقته هذه الرواية الصحيحة ، انتهى . يعني بقوله هذه الرواية الصحيحة قطعه باعترافه فإنه روي أنه قطعه بالبينة ، والأول أصح ، قاله أسماء ابن رشد في الرسم المذكور من كتاب الأقضية ولم يذكر ابن رشد ما تقدم إلا على أنه المذهب ونصه : قيل أرأيت الذي يتناول القاضي بالكلام فيقول قد ظلمتني ، قال : إن ذلك ليختلف ولم يجد فيه تفسيرا إلا أن وجه ما قاله إذا أراد بذلك أذاه وكان القاضي من أهل الفضل أن يعاقبه لمالك ابن رشد . وهذا كما قال ; لأن بأن نسب إليه الظلم والجور مواجهة بحضرة أهل مجلسه بخلاف ما يشهد به عليه أنه أذاه به وهو غائب ; لأن ما واجهه به من ذلك هو من قبيل الإقرار وله أن يحكم بالإقرار على من انتهك ماله فيعاقبه به أي : بإقراره ويتمول المال بإقراره ولا يحكم في شيء من ذلك بالبينة والأصل في ذلك قطع للقاضي الفاضل أن يحكم لنفسه بالعقوبة على من تناوله بالقول وأذاه رضي الله عنه يد الأقطع الذي سرق عقد زوجته أبي بكر لما اعترف بسرقته وإن كان في حديث الموطإ فاعترف به لأقطع أو شهد عليه على الشك ، فالصواب ما في غير الموطإ أنه اعترف به من غير شك إذ لو لم يعترف لما قطعه بالبينة كما لو كان المسروق له إذ لا فرق بين كونه له أو لزوجته في هذا ; لأن متاعها كمتاعه والدليل على ذلك قول أسماء رضي الله عنه عمر لعبد الله بن الحضرمي لما جاءه بغلامه فقال : إن هذا سرق مرة لامرأتي لا قطع عليه هذا خادمكم سرق متاعكم ألا ترى أن الرجل لا يجوز أن يشهد لنفسه فإن كان يحكم بالإقرار في مال كما يحكم به في مال غيره كان أحرى أن يحكم بالإقرار في عرضه كما يحكم به في عرض غيره لما يتعلق في ذلك من الحق لله ; لأن الجرأة على القضاة والحكام بمثل هذا توهين لأمرهم وداعية إلى الضعف عن استيفاء الحقائق في الأحكام فالمعاقبة في مثل هذا أولى من التجاوز والعفو ، وقاله في الواضحة ، انتهى .