( وإن ولو في العام القابل مثلا ، وإن أراد إقامة طويلة ببلد قبل بلغه مريدا ) للنسك مكة ( لم تجز مجاوزته ) إلى جهة الحرم غير ناو العود إليه أو إلى مثله ( بغير إحرام ) أي بالنسك الذي أراده على أحد وجهين في المجموع فيمن وقضية [ ص: 44 ] تعليله لكل منهما تفصيل في ذلك جرى عليه أحرم بعمرة من الميقات ثم بعد مجاوزته أدخل عليها حجا السبكي والأذرعي حاصله أنه متى لزمه الدم ، وإن لم يطرأ له قصده إلا بعد مجاوزته فلا . كان قاصدا للإحرام بالحج عند المجاوزة فأحرم بالعمرة ثم أدخله عليها بعد
ويقاس بذلك ما لو قصد الإحرام بالعمرة وحدها عند المجاوزة فأحرم بالحج وحده أو عكسه هذا كله إن أمكن ما قصده وإلا كأن نوى الحج في العام القابل تعينت العمرة ، وفي الأول أعني المريد ثم المدخل إشكال أجبت عنه في الحاشية حاصله أنه متى أخر ما نواه عند المجاوزة لعدم إمكانه كنية القران قبل أشهر الحج في صورتنا فلا دم بخلاف ما هنا ، فإن تأخيره له مع نيته وإمكانه تقصير أي تقصير فلم يكن يصلح الإدخال لرفعه وذلك للخبر السابق أما إذا جاوزه مريد العود إليه أو إلى مثل مسافته قبل التلبس بنسك في تلك السنة ، فإنه لا يأثم بالمجاوزة إن عاد ؛ لأن حكم الإساءة ارتفع بعوده وتوبته بخلاف ما إذا لم يعد وبهذا جمع الأذرعي بين قول جمع لا تحرم المجاوزة بنية العود وإطلاق الأصحاب حرمتها [ ص: 45 ] قول المحشي : لزوال إلخ ) لعله علة لشيء سقط من العبارة وتعليله بما ذكر فيه نظر ؛ لأنه بنية العود إليه بان أن لا إساءة أصلا .
ولعله مبني على أن العود فيما يأتي يرفع الإثم من أصله والذي يتجه خلافه أخذا مما مر أن بالنص لا يرفع إثمه من أصله بل يقطع دوامه واستمراره ومما يؤيد التقييد قولهم يجوز دفن البصاق في المسجد المجعول كفارة له مكة إذا أراد أن يخرج إلى أدنى الحل ، فإن قلت ينافي ما تقرر أن نيته العود لا تفيده رفع الإثم إلا إن عاد ، قولهم لو الإحرام بالعمرة من جاز ولا يلزمه تحقيق قصده بالعود ذهب من الصف بنية التحرف أو التحين قلت يفرق بأنه ثم بنية ذلك زال المعنى المحرم للانصراف من كسر قلوب أهل الصف أو خذلان المسلمين وأما هنا فالمعنى المحرم للمجاوزة ، وهو تأدي النسك بإحرام ناقص موجود ، وإن نوى العود فاشترط تحقيقه لما نواه بالعود حيث لا عذر وإلا فالإثم باق عليه .
وخرج بقولنا إلى جهة الحرم ما لو جاوزه يمنة أو يسرة فله أن يؤخر إحرامه ، لكن بشرط أن يحرم من محل مسافته إلى مكة مثل مسافة ذلك الميقات كما قاله الماوردي وجزم به غيره وبه يعلم أن الجائي من اليمن في البحر له أن يؤخر إحرامه من محاذاة يلملم إلى جدة ؛ لأن مسافتها إلى مكة كمسافة يلملم كما صرحوا به بخلاف الجائي فيه من مصر ليس له أن يؤخر إحرامه عن محاذاة الجحفة ؛ لأن كل محل من البحر بعد الجحفة أقرب إلى مكة منها فتنبه لذلك ، فإنه مهم وبه يعلم أيضا أن مثل مسافة الميقات يجزئ العود إليها ، وإن لم تكن ميقاتا [ ص: 46 ] لكن عبر جمع متقدمون بمثل مسافته من ميقات آخر وأخذ بمقتضاه غير واحد .
والذي يتجه هو الأول بدليل تعبير بعض الأصحاب بقوله من محل آخر ولم يعبر بالميقات ، وفي الخادم مكة فسلك طريقا لا ميقات لها وجاوز مسيئا وقدر على العود إلى ميقات فهل يجزئه العود لمرحلتين لم أر فيه نصا والوجه الاكتفاء بأحدهما ا هـ . فيمن ميقاته على مرحلتين من
وما ذكره واضح ؛ لأن ما عدل عنه غير مقصود عينه بخلاف ما لو عدل عن ميقات منصوص ، فإنه كان القياس أنه لا يجزئه وإلا لم يكن للتعيين معنى فإذا خولف هذا ؛ لأن رعاية المعين قد تعسر فلا أقل من رعاية مثل ذلك المعين ولا يحصل ذلك إلا بمثل مسافته من ميقات آخر هذا غاية ما يوجه به كلام هؤلاء ومع ذلك الأوجه مدركا إجزاء مثل المسافة مطلقا ولا نسلم أن التعيين لأجل تعين عينه ، وإنما هو لتعين مثل مسافته لا غير فتأمله