وذكروا أنهم لما جاوزوا البحر ، وذهبوا قاصدين إلى بلاد الشام ، مكثوا ثلاثة أيام ، لا يجدون ماء ، فتكلم من تكلم منهم بسبب ذلك ، فوجدوا ماء زعاقا أجاجا ، لم يستطيعوا شربه ، فأمر الله موسى ، عليه السلام ، فأخذ خشبة فوضعها فيه ، فحلا وساغ شربه ، وعلمه الرب هنالك فرائض وسننا ، ووصاه وصايا كثيرة . وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز ، المهيمن على ما عداه من الكتب ثم ساروا فأتوا على قوم يعبدون الأصنام فقالوا
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=138يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=139إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون قالوا هذا الجهل والضلال ، وقد عاينوا من آيات الله وقدرته ، ما دلهم على صدق ما جاءهم به رسول ذي الجلال والإكرام ، وذلك أنهم مروا على قوم يعبدون أصناما ، قيل : كانت على صور البقر . فكأنهم سألوهم : لم يعبدونها ، فزعموا لهم أنها تنفعهم وتضرهم ، ويسترزقون بها عند الضرورات ، فكأن بعض الجهال منهم صدقوهم في ذلك ، فسألوا نبيهم الكليم الكريم العظيم ، أن يجعل لهم آلهة كما لأولئك آلهة ، فقال لهم مبينا لهم أنهم لا يعقلون ولا يهتدون :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=139إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون . ثم ذكرهم نعمة الله عليهم ، في تفضيله إياهم على عالمي زمانهم بالعلم ، والشرع ، والرسول الذي بين أظهرهم ، وما أحسن به إليهم ، وما امتن به عليهم ، من إنجائهم من قبضة فرعون الجبار العنيد ، وإهلاكه إياه وهم ينظرون ، وتوريثه إياهم ما كان فرعون وملؤه يجمعونه من الأموال والسعادة ، وما كانوا يعرشون ، وبين لهم أنه لا تصلح العبادة إلا لله وحده ، لا شريك له; لأنه الخالق الرازق القهار ، وليس كل بني إسرائيل سأل هذا السؤال ، بل الضمير عائد على الجنس في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=138وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا ياموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة أي; قال بعضهم كما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=47وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=48وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا [ الكهف : 47 ، 48 ] . فالذين زعموا هذا بعض الناس ، لا كلهم .
وقد قال الإمام أحمد بسنده عن أبي واقد الليثي ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=740350خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قبل حنين ، فمررنا بسدرة فقلت : يا رسول الله ، اجعل لنا ذات أنواط ، كما للكفار ذات أنواط . وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة ، ويعكفون حولها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الله أكبر ، هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة . إنكم تركبون سنن الذين من قبلكم
وَذَكَرُوا أَنَّهُمْ لَمَّا جَاوَزُوا الْبَحْرَ ، وَذَهَبُوا قَاصِدِينَ إِلَى بِلَادِ الشَّامِ ، مَكَثُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، لَا يَجِدُونَ مَاءً ، فَتَكَلَّمَ مَنْ تَكَلَّمَ مِنْهُمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ ، فَوَجَدُوا مَاءً زُعَاقًا أُجَاجًا ، لَمْ يَسْتَطِيعُوا شُرْبَهُ ، فَأَمَرَ اللَّهُ مُوسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَأَخَذَ خَشَبَةً فَوَضَعَهَا فِيهِ ، فَحَلَا وَسَاغَ شُرْبُهُ ، وَعَلَّمَهُ الرَّبُّ هُنَالِكَ فَرَائِضَ وَسُنَنًا ، وَوَصَّاهُ وَصَايَا كَثِيرَةً . وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ ، الْمُهَيْمِنِ عَلَى مَا عَدَاهُ مِنَ الْكُتُبِ ثُمَّ سَارُوا فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ فَقَالُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=138يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=139إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ قَالُوا هَذَا الْجَهْلَ وَالضَّلَالَ ، وَقَدْ عَايَنُوا مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ ، مَا دَلَّهُمْ عَلَى صِدْقِ مَا جَاءَهُمْ بِهِ رَسُولُ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ مَرُّوا عَلَى قَوْمٍ يَعْبُدُونَ أَصْنَامًا ، قِيلَ : كَانَتْ عَلَى صُوَرِ الْبَقَرِ . فَكَأَنَّهُمْ سَأَلُوهُمْ : لِمَ يَعْبُدُونَهَا ، فَزَعَمُوا لَهُمْ أَنَّهَا تَنْفَعُهُمْ وَتَضُرُّهُمْ ، وَيَسْتَرْزِقُونَ بِهَا عِنْدَ الضَّرُورَاتِ ، فَكَأَنَّ بَعْضَ الْجُهَّالِ مِنْهُمْ صَدَّقُوهُمْ فِي ذَلِكَ ، فَسَأَلُوا نَبِيَّهُمُ الْكَلِيمَ الْكَرِيمَ الْعَظِيمَ ، أَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ آلِهَةً كَمَا لِأُولَئِكَ آلِهَةٌ ، فَقَالَ لَهُمْ مُبَيِّنًا لَهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ وَلَا يَهْتَدُونَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=139إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . ثُمَّ ذَكَّرَهُمْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، فِي تَفْضِيلِهِ إِيَّاهُمْ عَلَى عَالِمِي زَمَانِهِمْ بِالْعِلْمِ ، وَالشَّرْعِ ، وَالرَّسُولِ الَّذِي بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ ، وَمَا أَحْسَنَ بِهِ إِلَيْهِمْ ، وَمَا امْتَنَّ بِهِ عَلَيْهِمْ ، مِنْ إِنْجَائِهِمْ مِنْ قَبْضَةِ فِرْعَوْنَ الْجَبَّارِ الْعَنِيدِ ، وَإِهْلَاكِهِ إِيَّاهُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ، وَتَوْرِيثِهِ إِيَّاهُمْ مَا كَانَ فِرْعَوْنُ وَمَلَؤُهُ يَجْمَعُونَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالسَّعَادَةِ ، وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ، وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ لَا تَصْلُحُ الْعِبَادَةُ إِلَّا لِلَّهِ وَحْدَهُ ، لَا شَرِيكَ لَهُ; لِأَنَّهُ الْخَالِقُ الرَّازِقُ الْقَهَّارُ ، وَلَيْسَ كُلُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ هَذَا السُّؤَالَ ، بَلِ الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْجِنْسِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=138وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَامُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ أَيْ; قَالَ بَعْضُهُمْ كَمَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=47وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=48وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا [ الْكَهْفِ : 47 ، 48 ] . فَالَّذِينَ زَعَمُوا هَذَا بَعْضُ النَّاسِ ، لَا كُلُّهُمْ .
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بسنده عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=740350خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَبْلَ حُنَيْنٍ ، فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ ، كَمَا لِلْكُفَّارِ ذَاتُ أَنْوَاطٍ . وَكَانَ الْكَفَّارُ يَنُوطُونَ سِلَاحَهُمْ بِسِدْرَةٍ ، وَيَعْكُفُونَ حَوْلَهَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، هَذَا كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى : اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ . إِنَّكُمْ تَرْكَبُونَ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ