قوله تعالى : ولئن سألتهم . الآيتين . أخرج في "الحلية" عن أبو نعيم شريح بن عبيد؛ أن رجلا قال يا معشر القراء، ما بالكم أجبن منا، وأبخل إذا سئلتم، وأعظم لقما إذا أكلتم . فأعرض عنه لأبي الدرداء : ولم يرد عليه شيئا فأخبر بذلك أبو الدرداء، فانطلق عمر بن الخطاب، إلى الرجل الذي قال ذلك، فقال بثوبه وخنقه، وقاده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الرجل : إنما كنا نخوض ونلعب . فأوحى الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم : عمر ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب .
وأخرج ، ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن وابن مردويه قال : عبد الله بن عمر قال رجل في غزوة تبوك في مجلس يوما : ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء؛ لا أرغب بطونا، ولا أكذب ألسنة، ولا أجبن عند اللقاء . فقال رجل في المجلس : كذبت ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فبلغ ذلك [ ص: 426 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن . قال عبد الله : فأنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحجارة تنكبه وهو يقول : يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب . والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون .
وأخرج ، ابن المنذر ، وابن أبي حاتم في "الضعفاء" والعقيلي ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه في "رواة والخطيب عن مالك" قال : ابن عمر رأيت عبد الله بن أبي وهو يشتد قدام النبي صلى الله عليه وسلم والأحجار تنكبه وهو يقول : يا محمد إنما كنا نخوض ونلعب والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون .
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن وأبو الشيخ في قوله : مجاهد ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قال : قال رجل من المنافقين : يحدثنا محمد أن ناقة فلان بوادي كذا وكذا، في يوم كذا وكذا، وما يدريه ما الغيب .
وأخرج ، ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن وأبو الشيخ في الآية قال : قتادة بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوته إلى تبوك، وبين يديه أناس من المنافقين، فقالوا : [ ص: 427 ] أيرجو هذا الرجل أن يفتح له قصور الشام وحصونها؟ هيهات هيهات، فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك، فقال نبي صلى الله عليه وسلم الله : احتبسوا علي هؤلاء الركب . فأتاهم فقال : قلتم كذا؟ قلتم كذا؟ قالوا : يا نبي الله إنما كنا نخوض ونلعب . فأنزل الله فيهم ما تسمعون .
وأخرج ، الفريابي ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن وابن مردويه قال : سعيد بن جبير بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مسيره وأناس من المنافقين يسيرون أمامه، فقالوا : إن كان ما يقول محمد حقا، فلنحن شر من الحمير . فأنزل الله تعالى ما قالوا، فأرسل إليهم : ما كنتم تقولون؟ فقالوا : إنما كنا نخوض ونلعب .
وأخرج ، ابن إسحاق ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم قال قال كعب بن مالك مخشي بن حمير : لوددت أني أقاضى على أن يضرب كل رجل منكم مائة مائة على أن ينجو من أن ينزل فينا قرآن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر : أدرك القوم فإنهم قد احترقوا فسلهم عما قالوا فإن هم أنكروا وكتموا فقل : بلى قد قلتم كذا وكذا . فأدركهم، فقال لهم، فجاءوا يعتذرون، فأنزل الله : لا تعتذروا قد [ ص: 428 ] كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم الآية . فكان الذي عفا الله عنه مخشي بن حمير، فتسمى عبد الرحمن، وسأل الله أن يقتل شهيدا لا يعلم بمقتله، فقتل يوم اليمامة لا يعلم مقتله، ولا من قتله، ولا يرى له أثر ولا عين .
وأخرج عن ابن مردويه قال : نزلت هذه الآية في رهط من المنافقين من ابن عباس بني عمرو بن عوف، فيهم وديعة بن ثابت، ورجل من أشجع حليف لهم يقال له : مخشي بن حمير . كانوا يسيرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى تبوك، فقال بعضهم لبعض : أتحسبون قتال بني الأصفر كقتال غيرهم؟ والله لكأنا بكم غدا تقرنون في الحبال . قالمخشي بن حمير : لوددت أني أقاضى، فذكر الحديث مثل الذي قبله .
وأخرج عن ابن مردويه ، نحوه . ابن مسعود
وأخرج ، عبد الرزاق ، وابن المنذر ، عن وأبو الشيخ الكلبي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أقبل من غزوة تبوك وبين يديه ثلاثة رهط استهزأوا بالله وبرسوله وبالقرآن، قال : كان رجل منهم لم يمالئهم في الحديث، يسير مجانبا [ ص: 429 ] لهم، يقال له : يزيد بن وديعة . فنزلت : إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة فسمي طائفة وهو واحد .
وأخرج عن ابن أبي حاتم في قوله : ابن عباس إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة قال : الطائفة الرجل والنفر .
وأخرج ، عبد الرزاق ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم قال : الطائفة الواحد إلى الألف . مجاهد
وأخرج عن عبد بن حميد قال : الطائفة رجل فصاعدا . ابن عباس
وأخرج ، عن أبو الشيخ : الضحاك إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة
يعني أنه إن عفا عن بعضهم فليس بتارك الآخرين أن يعذبهم؛ إنهم كانوا مجرمين .
وأخرج ، عن ابن مردويه قال : كان في من تخلف جابر بن عبد الله بالمدينة من المنافقين وداعة بن ثابت، أحد بني عمرو بن عوف، فقيل له : ما خلفك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال : الخوض واللعب . فأنزل الله فيه وفي أصحابه : [ ص: 430 ] ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب إلى قوله : مجرمين .