قوله تعالى : من كفر بالله الآيات .
أخرج ، ابن المنذر وابن أبي حاتم، ، عن وابن مردويه قال : [248ظ] ابن عباس لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهاجر إلى المدينة قال لأصحابه : " تفرقوا عني، فمن كانت به قوة فليتأخر إلى آخر الليل، ومن لم تكن به قوة فليذهب في أول الليل، فإذا سمعتم بي قد استقرت بي الأرض، فالحقوا بي " . فأصبح بلال المؤذن وخباب وجارية من وعمار قريش كانت أسلمت، فأصبحوا بمكة، فأخذهم المشركون وأبو جهل، فعرضوا على أن يكفر فأبى، فجعلوا يضعون درعا من حديد في الشمس ثم يلبسونها إياه، فإذا ألبسوها إياه قال : أحد أحد . وأما بلال فجعلوا يجرونه في الشوك، وأما خباب عمار فقال لهم كلمة أعجبتهم؛ تقية، وأما الجارية فوتد لها أبو جهل أربعة أوتاد، ثم مدها فأدخل الحربة في قبلها حتى قتلها، ثم خلوا عن بلال وخباب فلحقوا [ ص: 120 ] برسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بالذي كان من أمرهم، واشتد على وعمار عمار الذي كان تكلم به، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كيف كان قلبك حين قلت الذي قلت، أكان منشرحا بالذي قلت أم لا؟" . قال : لا، فأنزل الله : إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان .
وأخرج ، عبد الرزاق وابن سعد، ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم وصححه، والحاكم ، وابن مردويه في "الدلائل"، والبيهقي ، من طريق وابن عساكر أبي عبيدة بن محمد بن عمار، عن أبيه قال : فلم يتركوه حتى سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير، ثم تركوه، فلما أتى النبي قال : " ما وراءك ؟" . قال : شر، ما تركت حتى نلت منك، وذكرت آلهتهم بخير . قال : " كيف تجد قلبك ؟" . قال : مطمئنا بالإيمان، قال : " إن عادوا فعد " . فنزلت : عمار بن ياسر إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان . قال : ذاك عمار بن ياسر، ولكن من شرح بالكفر صدرا عبد الله بن أبي سرح . أخذ المشركون
وأخرج عن ابن سعد محمد بن سيرين : أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي وهو [ ص: 121 ] يبكي، فجعل يمسح عن عينيه ويقول : " أخذك الكفار فغطوك في الماء، فقلت كذا وكذا، فإن عادوا فقل ذلك لهم " . عمارا
وأخرج عن ابن سعد أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر في قوله : إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان . قال : ذلك وفي قوله : عمار بن ياسر . ولكن من شرح بالكفر صدرا . قال : ذاك عبد الله بن أبي سرح .
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن عساكر أبي مالك في قوله : إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان . قال : نزلت في عمار بن ياسر .
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، عن وابن عساكر الحكم : إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان . قال : نزلت في عمار .
وأخرج عن ابن جرير ، أن السدي عبد الله بن أبي سرح أسلم ثم ارتد، فلحق بالمشركين، ووشى بعمار، وجبر عبد ابن الحضرمي، أو ابن عبد الدار، فأخذوهما وعذبوهما حتى كفرا، فنزلت : إلا من أكره وقلبه مطمئن [ ص: 122 ] بالإيمان . .
وأخرج في " مسنده "، مسدد ، وابن المنذر ، عن وابن مردويه أبي المتوكل الناجي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى بئر المشركين يستقي منها، وحولها ثلاث صفوف يحرسونها، فاستقى في قربة ثم أقبل، فأخذوه فأرادوه على أن يتكلم بكلمة الكفر، فأنزلت فيه هذه الآية : عمار بن ياسر إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان .
وأخرج ، ابن جرير ، عن وابن عساكر قال : ذكر لنا أن هذه الآية : قتادة إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان نزلت في أخذه عمار بن ياسر، بنو المغيرة فغطوه في بئر وقالوا : اكفر بمحمد . فتابعهم على ذلك وقلبه كاره، فنزلت .
وأخرج عن ابن أبي حاتم قال : نزلت هذه الآية : محمد بن سيرين إلا من أكره في عياش بن أبي ربيعة .
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم قال : نزلت هذه الآية في أناس من أهل مجاهد مكة آمنوا، فكتب إليهم بعض الصحابة بالمدينة، أن هاجروا فإنا لا نرى أنكم منا حتى تهاجروا إلينا، فخرجوا يريدون [ ص: 123 ] المدينة، فأدركتهم قريش في الطريق ففتنوهم، فكفروا مكرهين، ففيهم نزلت هذه الآية .
وأخرج ، ابن سعد ، عن وابن عساكر عمر بن الحكم قال : كان يعذب حتى لا يدري ما يقول، وكان عمار بن ياسر يعذب حتى لا يدري ما يقول، وكان صهيب أبو فكيهة يعذب حتى لا يدري ما يقول، وبلال، وعامر، وابن فهيرة، وقوم من المسلمين، وفيهم نزلت هذه الآية : ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا .
وأخرج ، ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم في "سننه"، من طريق والبيهقي علي ، عن في قوله : ابن عباس من كفر بالله الآية . قال : أخبر الله سبحانه أنه من كفر بعد إيمانه فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم، فأما من أكره، فتكلم بلسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوه، فلا حرج عليه؛ لأن الله سبحانه إنما يأخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم .
وأخرج ابن جرير ، عكرمة قالا : في سورة "النحل" : والحسن البصري، من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان [ ص: 124 ] ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم . ثم نسخ واستثنى من ذلك فقال : ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم . وهو عبد الله بن أبي سرح الذي كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأزله الشيطان فلحق بالكفار، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل يوم فتح مكة فاستجار له أبو عمرو فأجاره النبي صلى الله عليه وسلم . وعثمان بن عفان، عن
وأخرج ، من طريق ابن مردويه ، عن عكرمة ، مثله . ابن عباس
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن وابن المنذر في قوله : قتادة ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا الآية . قال : ذكر لنا أنه لما أنزل الله أن أهل مكة لا يقبل منهم إسلام حتى يهاجروا، كتب بها أهل المدينة إلى أصحابهم من أهل مكة فخرجوا، فأدركهم المشركون فردوهم، فأنزل الله : الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون [العنكبوت : 2،1] . فكتب بهذا أهل المدينة إلى أهل مكة، فلما جاءهم ذلك تبايعوا على أن يخرجوا، فإن لحق بهم المشركون من أهل مكة قاتلوهم حتى ينجوا أو يلحقوا بالله، فخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم، فمنهم من قتل ومنهم من نجا، فأنزل الله : ثم إن ربك للذين هاجروا الآية .
[ ص: 125 ] وأخرج عن عبد بن حميد نحوه . الشعبي،
وأخرج ، ابن مردويه في "سننه"، عن والبيهقي قال : نزلت هذه الآية فيمن كان يفتن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : ابن عباس ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا .
وأخرج عن ابن مردويه قال : كان قوم من أهل ابن عباس مكة قد أسلموا، وكانوا يستخفون بالإسلام، فنزلت فيهم : ثم إن ربك للذين هاجروا الآية . فكتبوا إليهم بذلك : إن الله قد جعل لكم مخرجا فاخرجوا . فأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا، وقتل من قتل .
وأخرج عن ابن أبي شيبة الحسن لمسيلمة أخذوا رجلين من المسلمين فأتوه بهما، فقال لأحدهما : أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال : نعم . قال : أتشهد أني رسول الله؟ فأهوى إلى أذنيه فقال : إني أصم . فأمر به فقتل، وقال للآخر : أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال : نعم . قال : أتشهد أني رسول الله؟ قال : نعم . فأرسله، فأتى النبي فأخبره فقال : " أما صاحبك فمضى على إيمانه، وأما أنت فأخذت بالرخصة " . أن عيونا
وأخرج عن ابن أبي حاتم في قوله : قتادة ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا . قال : نزلت في عياش بن أبي ربيعة، أحد بني مخزوم، وكان أخا أبي جهل لأمه، وكان يضربه سوطا وراحلته سوطا .
[ ص: 126 ] وأخرج عن ابن جرير في قوله : ابن إسحاق ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا . قال : نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر، وعياش بن أبي ربيعة، والوليد بن أبي ربيعة، والوليد بن الوليد .