أخرج ابن أبي حاتم ، عن عكرمة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في مغزاة، فجاء رجل فلم يجد ما يخرج عليه، فلقي صديقا له فقال : أعطني شيئا، قال : أعطيك بكري هذا على أن تتحمل بذنوبي، فقال له : نعم، فأنزل الله : أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى .
وأخرج ابن أبي حاتم ، عن دراج أبي السمح قال : خرجت سرية غازية، فسأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحمله فقال : «لا أجد ما أحملك عليه» فانصرف حزينا، فمر برجل رحاله منيخة بين يديه، فشكا إليه، فقال له الرجل : هل لك أن أحملك فتلحق الجيش بحسناتك؟ فقال : نعم، فركب، فنزلت : [ ص: 44 ] أفرأيت الذي تولى إلى قوله ثم يجزاه الجزاء الأوفى .
وأخرج ابن جرير ، عن ابن زيد قال : إن رجلا أسلم، فلقيه بعض من يعيره، فقال : أتركت دين الأشياخ وضللتهم، وزعمت أنهم في النار؟ قال : إني خشيت عذاب الله، قال : أعطني شيئا، وأنا أحمل كل عذاب كان عليك، فأعطاه شيئا، فقال : زدني، فتعاسرا، حتى أعطاه شيئا، وكتب له كتابا، وأشهد له، ففيه نزلت هذه الآية : أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى أعنده علم الغيب فهو يرى .
وأخرج الفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : أفرأيت الذي تولى قال : الوليد بن المغيرة، كان يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر، فيستمع ما يقولان، وذلك ما أعطى من نفسه، أعطى الاستماع، وأكدى قال : انقطع عطاؤه، ترك ذلك، أعنده علم الغيب قال : الغيب القرآن، أرأى فيه باطلا أنفذه ببصره، إذ كان يختلف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر؟!
[ ص: 45 ] وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس في قوله : وأعطى قليلا وأكدى قال : قطع، نزلت في العاصي بن وائل .
وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : وأعطى قليلا وأكدى قال : أطاع قليلا ثم انقطع .
وأخرج الطستي في «مسائله» عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : وأعطى قليلا وأكدى قال : أعطى قليلا من ماله ومنع الكثير، ثم كدره بمنه، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم، أما سمعت قول الشاعر :
أعطى قليلا ثم أكدى بمنه ومن ينشر المعروف في الناس يحمد


