قوله تعالى : يوم ترى المؤمنين والمؤمنات الآيات .
أخرج ، ابن أبي شيبة ، عن وابن المنذر في قوله : الحسن يسعى نورهم بين أيديهم قال : على الصراط حتى يدخلوا الجنة .
وأخرج ، عن عبد بن حميد ابن مسعود : يسعى نورهم بين أيديهم قال : على الصراط .
وأخرج ، عن ابن المنذر يزيد بن شجرة قال : إنكم تكتبون عند الله بأسمائكم وسيماكم وحلاكم ونجواكم ومجالسكم، فإذا كان يوم القيامة قيل : يا فلان بن فلان، هلم بنورك، ويا فلان بن فلان، لا نور لك .
وأخرج ، عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، عن وابن المنذر في الآية قال : ذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : قتادة «إن من المؤمنين يوم القيامة من يضيء له نوره كما [ ص: 267 ] بين المدينة إلى عدن أبين، إلى صنعاء، فدون ذلك، حتى إن من المؤمنين من لا يضيء له نوره إلا موضع قدميه، والناس منازل بأعمالهم» .
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه وصححه، عن والحاكم في قوله : ابن مسعود يسعى نورهم بين أيديهم قال : يؤتون نورهم على قدر أعمالهم، يمرون على الصراط، منهم من نوره مثل الجبل، ومنهم من نوره مثل النخلة، وأدناهم نورا من نوره على إبهامه، يطفأ مرة ويقد أخرى .
وأخرج ، ابن أبي حاتم وصححه، والحاكم ، عن وابن مردويه عبد الرحمن بن جبير بن نفير، أنه سمع أبا ذر قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : وأبا الدرداء «أنا أول من يؤذن له في السجود يوم القيامة، وأول من يؤذن له أن يرفع رأسه، فأرفع رأسي فأنظر بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، فأعرف أمتي من بين الأمم» فقيل : يا رسول الله : وكيف تعرفهم من بين الأمم ما بين نوح إلى أمتك؟ قال : «غر محجلون من أثر الوضوء، ولا يكون لأحد غيرهم، وأعرفهم أنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم، وأعرفهم بسيماهم في وجوههم من أثر السجود، [ ص: 268 ] وأعرفهم بنورهم الذي يسعى بين أيديهم، وعن أيمانهم، وعن شمائلهم» .
وأخرج ، ابن المبارك ، وابن أبي حاتم وصححه، والحاكم في «الأسماء والصفات» عن والبيهقي أنه قال : أيها الناس إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات، وتوشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر وهو القبر، بيت الوحدة، وبيت الظلمة، وبيت الدود، وبيت الضيق، إلا ما وسع الله، ثم تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة، فإنكم لفي بعض تلك المواطن حتى يغشى الناس أمر الله، فتبيض وجوه وتسود وجوه، ثم تنتقلون منه إلى موضع آخر، فتغشى الناس ظلمة شديدة، ثم يقسم النور، فيعطى المؤمن نورا، ويترك الكافر والمنافق، فلا يعطيان شيئا، وهو المثل الذي ضرب الله في كتابه : أبي أمامة الباهلي، أو كظلمات في بحر لجي إلى قوله : فما له من نور [النور : 40] ولا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن، كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير، ويقول المنافقون للذين آمنوا : انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا وهي خدعة الله التي خدع بها المنافقين، حيث قال : يخادعون الله وهو خادعهم [النساء : 142] فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور فلا يجدون شيئا، فينصرفون إليهم، فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم نصلي صلاتكم، ونغزو مغازيكم، (قالوا : بلى) إلى قوله : وبئس المصير .
[ ص: 269 ] وأخرج - من وجه آخر - عن ابن أبي حاتم قال : تبعث ظلمة يوم القيامة، فما من مؤمن ولا كافر يرى كفه، حتى يبعث الله بالنور إلى المؤمنين بقدر أعمالهم، فيتبعهم المنافقون، فيقولون : أبي أمامة انظرونا نقتبس من نوركم .
وأخرج ، ابن جرير ، وابن مردويه في «البعث» عن والبيهقي قال : بينما الناس في ظلمة إذ بعث الله نورا، فلما رأى المؤمنون النور توجهوا نحوه، وكان النور دليلا لهم من الله إلى الجنة، فلما رأى المنافقون المؤمنين قد انطلقوا إلى النور تبعوهم، فأظلم الله على المنافقين فقالوا حينئذ : ابن عباس انظرونا نقتبس من نوركم فإنا كنا معكم في الدنيا، قال المؤمنون : ارجعوا من حيث جئتم من الظلمة فالتمسوا هنالك النور .
وأخرج ، الطبراني ، عن وابن مردويه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ابن عباس انظرونا نقتبس من نوركم وقال المؤمنون : ربنا أتمم لنا نورنا فلا يذكر عند [ ص: 270 ] ذلك أحد أحدا» . «إن الله يدعو الناس يوم القيامة بأمهاتهم؛ سترا منه على عباده، وأما عند الصراط فإن الله يعطي كل مؤمن نورا وكل منافق نورا، فإذا استووا على الصراط سلب الله نور المنافقين والمنافقات، فقال المنافقون :
وأخرج ، عن ابن مردويه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ابن عباس يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم الآية، وقرأ : يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه [التحريم : 8] إلى آخر الآية . «إذا جمع الله الأولين والآخرين دعا اليهود فقيل لهم : من كنتم تعبدون؟ فيقولون : كنا نعبد الله، فيقال لهم : كنتم تعبدون معه غيره؟ فيقولون : نعم، فيقال لهم : من كنتم تعبدون معه؟ فيقولون : عزيرا، فيوجهون وجها . ثم يدعون النصارى، فيقال لهم : من كنتم تعبدون؟ فيقولون : كنا نعبد الله، فيقول لهم : هل كنتم تعبدون معه غيره؟ فيقولون : نعم، فيقال لهم : من كنتم تعبدون معه؟ فيقولون : المسيح، فيوجهون وجها . ثم يدعى المسلمون، وهم على رابية من الأرض، فيقال لهم : من كنتم تعبدون؟ فيقولون : كنا نعبد الله وحده، فيقال لهم : هل كنتم تعبدون معه غيره؟ فيغضبون، فيقولون : ما عبدنا غيره، فيعطى كل إنسان منهم نورا، ثم يوجهون إلى الصراط، فما كان من منافق طفئ نوره قبل أن يأتي الصراط»، ثم قرأ :
وأخرج ، عن ابن مردويه في قوله : ابن عباس يوم يقول المنافقون والمنافقات الآية، قال : بينما الناس في ظلمة إذ بعث الله نورا، فلما رأى المؤمنون النور توجهوا نحوه، وكان النور لهم دليلا إلى الجنة من الله، فلما رأى المنافقون المؤمنين قد انطلقوا تبعوهم، فأظلم الله على المنافقين، فقالوا حينئذ : انظرونا نقتبس من نوركم فإنا كنا معكم في الدنيا، قال المؤمنون : ارجعوا من حيث جئتم من الظلمة، فالتمسوا هنالك النور .
وأخرج ، عبد بن حميد ، عن وابن المنذر أبي فاختة قال : يجمع الله الخلائق يوم القيامة، ويرسل الله على الناس ظلمة، فيستغيثون ربهم، فيؤتي الله كل مؤمن يومئذ نورا، ويؤتي المنافقين نورا، فينطلقون جميعا متوجهين إلى الجنة معهم نورهم، فبينما هم كذلك إذ طفأ الله نور المنافقين، فيترددون في الظلمة، ويسبقهم المؤمنون بنورهم بين أيديهم، فينادونهم : انظرونا نقتبس من نوركم ، فضرب بينهم بسور له باب باطنه حيث ذهب المؤمنون فيه الرحمة ومن قبله الجنة، ويناديهم المنافقون : ألم نكن معكم قالوا : بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم فيقول المنافقون بعضهم لبعض، وهم يتسكعون في الظلمة : تعالوا نلتمس إلى المؤمنين سبيلا، فيسقطون على هوة، فيقول بعضهم لبعض : إن هذا ينفق بكم إلى المؤمنين، فيتهافتون فيها [ ص: 272 ] فلا يزالون يهوون فيها حتى ينتهوا إلى قعر جهنم، فهنالك خدع المنافقون، كما قال الله : وهو خادعهم .
وأخرج ، عن عبد بن حميد أنه قرأ : عاصم انظرونا موصولة برفع الألف .
وأخرج ، عن عبد بن حميد أنه قرأ : (أنظرونا) مقطوعة بنصب الألف وكسر الظاء . الأعمش
وأخرج ، عن ابن أبي شيبة قال : أين أنت من يوم جيء بجهنم قد سدت ما بين الخافقين؟! وقيل : لن تدخل الجنة حتى تخوض النار، فإن كان معك نور استقام بك الصراط، فقد - والله - نجوت وهديت، وإن لم يكن معك نور تشبث بك بعض خطاطيف جهنم أو كلاليبها، فقد – والله - رديت وهويت . أبي الدرداء
وأخرج في «الأسماء والصفات» عن البيهقي في قوله : مقاتل يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا قال : وهم على الصراط، انظرونا يقول : ارقبونا نقتبس من نوركم يعني نصيب من نوركم، فنمضي معكم، قيل يعني قالت الملائكة لهم : ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا من حيث [ ص: 273 ] جئتم، هذا من الاستهزاء بهم، كما استهزءوا بالمؤمنين في الدنيا، حين قالوا : آمنا، وليسوا بمؤمنين، فذلك قوله : الله يستهزئ بهم [البقرة : 15] حين يقال لهم : ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم يعني بين أصحاب الأعراف وبين المنافقين بسور له باب يعني بالسور : حائط بين أهل الجنة والنار، له باب باطنه يعني : باطن السور، فيه الرحمة مما يلي الجنة، وظاهره من قبله العذاب يعني جهنم، وهو الحجاب الذي ضرب بين أهل الجنة وأهل النار .
وأخرج ، عبد بن حميد عن أنه كان على سور عبادة بن الصامت، بيت المقدس الشرقي فبكى، فقيل له ما يبكيك؟ فقال : ها هنا أخبرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رأى جهنم .
وأخرج ، عن عبد بن حميد أبي سنان قال : كنت مع علي بن عبد الله بن عباس عند وادي جهنم، فحدث عن أبيه أنه قال : فضرب بينهم بسور قال : هذا موضع السور عند وادي جهنم .
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم وصححه، والحاكم ، عن وابن عساكر قال : إن السور الذي ذكره الله في القرآن عبد الله بن عمرو بن العاص فضرب بينهم بسور هو السور الذي ببيت [ ص: 274 ] المقدس الشرقي، باطنه فيه الرحمة المسجد، وظاهره من قبله العذاب يعني وادي جهنم وما يليه .
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم : قتادة فضرب بينهم بسور قال : حائط بين الجنة والنار، باطنه فيه الرحمة قال : الجنة، وظاهره من قبله العذاب قال : النار .
وأخرج ، عن ابن أبي شيبة في قوله : الحسن باطنه فيه الرحمة قال : الجنة، وظاهره من قبله العذاب قال : النار .
وأخرج ، آدم بن أبي إياس ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم في «الأسماء والصفات» عن والبيهقي في قوله : مجاهد يوم يقول المنافقون والمنافقات الآية، قال : إن المنافقين كانوا مع المؤمنين أحياء في الدنيا، يناكحونهم ويعاشرونهم، وكانوا معهم أمواتا، ويعطون النور جميعا يوم القيامة، فيطفأ نور المنافقين إذا بلغوا السور، يماز بينهم حينئذ، والسور كالحجاب في «الأعراف» فيقولون : انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا .
وأخرج في «شعب الإيمان» عن البيهقي في قوله : ابن عباس ولكنكم فتنتم [ ص: 275 ] أنفسكم قال : بالشهوات واللذات، وتربصتم قال : بالتوبة، وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله قال : الموت، وغركم بالله الغرور قال : الشيطان .
وأخرج ، عن عبد بن حميد أبي سنان : ولكنكم فتنتم أنفسكم قال : بالمعاصي، وتربصتم بالتوبة، وارتبتم شككتم، وغرتكم الأماني قلتم : سيغفر لنا، حتى جاء أمر الله قال : الموت، وغركم بالله الغرور قال : الشيطان .
وأخرج ، عن عبد بن حميد محبوب الليثي : ولكنكم فتنتم أنفسكم أي بالشهوات، وتربصتم بالتوبة، وارتبتم أي شككتم في الله، وغرتكم الأماني قال : طول الأمل، حتى جاء أمر الله قال : الموت، وغركم بالله الغرور قال : الشيطان .
وأخرج ، عن عبد بن حميد : قتادة وتربصتم قال : تربصوا بالحق وأهله، وارتبتم قال : كانوا في شك من أمر الله، وغرتكم الأماني قال : كانوا على خديعة من الشيطان، والله مازالوا عليها حتى قذفهم الله في النار، وغركم بالله الغرور قال : الشيطان، فاليوم لا يؤخذ منكم فدية يعني من المنافقين، ولا من الذين كفروا .