باب محل الهدي قال الله تعالى : محل الهدي وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم إلى قوله : لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق ومعلوم أن مراده تعالى فيما جعل هديا أو بدنة أو فيما وجب أن تجعل هديا من واجب في ذمته ، فأخبر تعالى أن محل ما كان هذا وصفه إلى البيت العتيق ، والمراد بالبيت ههنا الحرم كله ؛ إذ معلوم أنها لا تذبح عند البيت ولا في المسجد ، فدل على أنه الحرم كله ، فعبر عنه بذكر البيت ؛ إذ كانت حرمة الحرم كله متعلقة بالبيت ، وهو كقوله تعالى في جزاء الصيد : هديا بالغ الكعبة ولا خلاف أن المراد الحرم كله .
وقد روى عن أسامة بن زيد عن عطاء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جابر بن عبد الله عرفة كلها موقف ومنى كلها منحر وكل فجاج مكة طريق ومنحر ، وعموم الآية يقتضي أن يكون محل سائر الهدايا الحرم ولا يجزئ في غيره ؛ إذ لم تفرق بين شيء منها .
وقد اختلف في ، فقال أصحابنا : " محله ذبحه في هدي الإحصار الحرم " وذلك لأنه قال : ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله وكان المحل مجملا في هذه الآية ، فلما قال : ثم محلها إلى البيت العتيق بين فيه ما أجمل ذكره في الآية الأولى ، فوجب أن يكون محل هدي الإحصار الحرم . ولم يختلفوا في سائر الهدايا التي يتعلق وجوبها بالإحرام مثل جزاء الصيد وفدية الأذى ودم التمتع أن محلها الحرم ، فكذلك هدي الإحصار لما تعلق وجوبه بالإحرام وجب أن يكون في الحرم .