قوله تعالى : ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه يدل على أنه وكان ظالما لنفسه بتعديه حدود الله ؛ لأنه ذكر ذلك عقيب طلاق العدة فأبان أن من طلق لغير العدة فطلاقه واقع ؛ لأنه لو لم يقع طلاقه لم يكن ظالما لنفسه ويدل على أنه أراد وقوع طلاقه مع ظلمه لنفسه ، قوله تعالى عقيبه : إذا طلق لغير السنة وقع طلاقه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا يعني أن يحدث له ندم فلا ينفعه ؛ لأنه قد طلق ثلاثا وهو يدل أيضا على بطلان قول في أن إيقاع الثلاث في كلمة واحدة من السنة ؛ لأن الله جعله ظالما لنفسه حين طلق ثلاثا وترك اعتبار ما عسى أن يلحقه من الندم بإبانتها ؛ وحكم النبي صلى الله عليه وسلم على الشافعي بطلاقه إياها في الحيض وأمره بمراجعتها ؛ لأن الطلاق الأول كان خطأ فأمره بالرجعة ليقطع أسباب الخطإ ويبتدئه على السنة وزعم قوم أن الطلاق في حال الحيض لا يقع . ابن عمر
وقد بينا بطلان هذا القول في سورة البقرة من جهة الكتاب والسنة ، وسؤال يونس بن جبير عن الطلاق في الحيض وذكره لأمر النبي صلى الله عليه وسلم إياه بالمراجعة قال : قلت : فيعتد بها ؟ قال : فمه ؟ أرأيت إن عجز [ ص: 350 ] واستحمق ؟ " فإن احتج محتج بما حدثنا لابن عمر محمد بن بكر قال : حدثنا قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا أحمد بن صالح قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرني ابن جريج أنه سمع أبو الزبير عبد الرحمن بن أيمن مولى عروة يسأل ابن عمر يسمع فقال : كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضا ؟ قال وأبو الزبير امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض ؛ فقال عبد الله : فردها علي ولم يرها شيئا وقال : إذا طهرت فليطلق أو ليمسك قال عبد الله بن عمر : فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم : "يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن" ابن عمر فقال المحتج : فأخبر أنه ردها عليه ولم يرها شيئا ، وذلك يدل على أن الطلاق لم يقع فيقل له : ليس فيما ذكرت دليل على أنه لم يحكم بالطلاق ، بل دلالته ظاهرة على وقوعه ؛ لأنه قال : " وردها علي " وهو يعني الرجعة . طلق
وقوله : " ولم يرها شيئا " يعني أنه لم يبنها منه وقد روي حديث عنه عن ابن عمر أنس بن سيرين وابن جبير وزيد بن أسلم ومنصور عن أبي وائل عنه ، كلهم يقول فيه : إن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يراجعها حتى تطهر .