قوله تعالى : كتب عليكم القتال وهو كره لكم هذا يدل على ؛ لأن قوله : فرض القتال كتب عليكم بمعنى فرض عليكم ، كقوله : كتب عليكم الصيام ثم لا يخلو القتال المذكور في الآية من أن يرجع إلى معهود قد عرفه المخاطبون ، أو لم يرجع إلى معهود ؛ لأن الألف ، واللام تدخلان للجنس ، أو للمعهود ، فإن كان المراد قتالا قد عرفوه رجع الكلام [ ص: 401 ] إليه ، نحو قوله تعالى : وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة وقوله : ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم فإن كان كذلك ، فإنما هو أمر بقتال على وصف ، وهو أن نقاتل المشركين إذا قاتلونا ، فيكون حينئذ كلاما مبنيا على معهود قد علم حكمه مكرر ذكره تأكيدا ، وإن لم يكن راجعا إلى معهود فهو لا محالة مجمل مفتقر إلى البيان ، وذلك أنه معلوم عند وروده أنه لم يأمرنا بقتال الناس كلهم فلا يصح اعتقاد العموم فيه ، وما لا يصح اعتقاد العموم فيه فهو مجمل مفتقر إلى البيان .
وسنبين اختلاف أهل العلم في فرض الجهاد وكيفيته عند مصيرنا إلى قوله : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم إن شاء الله تعالى . وقوله : وهو كره لكم معناه مكروه لكم ؛ أقيم فيه المصدر مقام المفعول ، كقولك : " فلان رضى " أي : مرضي .