قوله تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=28662_29680_30179_30437_30532_30539_33177_34371_34513_28973_24107nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا الآية ؛ يحتمل وجهين :
أحدهما : معنى " مأمون فيه " كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=7في عيشة راضية يعني مرضية . والثاني : أن يكون المراد " أهل البلد " كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82واسأل القرية معناه : أهلها ؛ وهو مجاز ؛ لأن الأمن والخوف لا يلحقان البلد وإنما يلحقان من فيه .
وقد اختلف في الأمن المسؤول في هذه الآية ، فقال قائلون : سأل الأمن من القحط والجدب ؛ لأنه أسكن أهله بواد غير ذي زرع ولا ضرع ، ولم يسأله الأمن من الخسف والقذف ؛ لأنه كان آمنا من ذلك قبل ، وقد قيل : إنه سأل الأمرين جميعا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : هو كقوله
[ ص: 98 ] تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125مثابة للناس وأمنا وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97ومن دخله كان آمنا وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا والمراد والله أعلم بذلك الأمن من القتل ، وذلك أنه قد سأله مع رزقهم من الثمرات :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات وقال عقيب مسألة الأمن في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=35رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ثم قال في سياق القصة :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37وارزقهم من الثمرات فذكر مع مسألته الأمن وأن يرزقهم من الثمرات ، فالأولى حمل معنى مسألة الأمن على فائدة جديدة غير ما ذكره في سياق القصة ونص عليه من الرزق .
فإن قال قائل : إن حكم الله تعالى بأمنها من القتل قد كان متقدما لعهد
إبراهيم عليه السلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653971إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار يعني القتال فيها ؛ فسأله إدامة هذا الحكم فيها وتبقيته على ألسنة رسله وأنبيائه بعده .
ومن الناس من يقول إنها لم تكن حرما ولا أمنا قبل مسألة
إبراهيم عليه السلام ، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=74496إن إبراهيم عليه السلام حرم مكة وإني حرمت المدينة . والأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في أن الله تعالى حرم
مكة يوم خلق السموات والأرض وأنها لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي ، أقوى وأصح من هذا الخبر ، ومع ذلك فلا دلالة فيه أنه لم تكن حراما قبل ذلك ؛ لأن إبراهيم عليه السلام حرمها بتحريم الله تعالى إياها قبل ذلك فاتبع أمر الله تعالى فيها .
ولا دلالة فيه على نفي تحريمها قبل عهد
إبراهيم من غير الوجه الذي صارت به حراما بعد الدعوة ، والوجه الأول يمنع من اصطلام أهلها ومن الخسف بهم والقذف الذي لحق غيرها وبما جعل في النفوس من تعظيمها والهيبة لها ، والوجه الثاني بالحكم بأمنها على ألسنة رسله ، فأجابه الله تعالى إلى ذلك .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126ومن كفر قد تضمن استجابته لدعوته وإخباره أنه يفعل ذلك أيضا بمن كفر منهم في الدنيا ، وقد كانت دعوة
إبراهيم خاصة لمن آمن منهم بالله واليوم الآخر ، فدلت " الواو " التي في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126ومن كفر على إجابة دعوة
إبراهيم وعلى استقبال الأخبار بمتعة من كفر قليلا ، ولولا الواو لكان كلاما منقطعا من الأول غير دال على استجابة دعوته فيما سأله ، وقيل في معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126فأمتعه أنه إنما يمتعه بالرزق الذي يرزقه
[ ص: 99 ] إلى وقت مماته .
وقيل : " أمتعه " بالبقاء في الدنيا " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : " أمتعه " بالرزق والأمن إلى خروج محمد صلى الله عليه وسلم فيقتله إن قام على كفره أو يجليه عنها " . فتضمنت الآية حظر قتل من لجأ إليه من وجهين :
أحدهما : قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126رب اجعل هذا بلدا آمنا مع وقوع الاستجابة له ، والثاني : قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126ومن كفر فأمتعه قليلا ؛ لأنه قد نفى قتله بذكر المتعة إلى وقت الوفاة .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=28662_29680_30179_30437_30532_30539_33177_34371_34513_28973_24107nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا الْآيَةَ ؛ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : مَعْنَى " مَأْمُونٍ فِيهِ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=7فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ يَعْنِي مَرْضِيَّةً . وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ " أَهْلَ الْبَلَدِ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ مَعْنَاهُ : أَهْلَهَا ؛ وَهُوَ مَجَازٌ ؛ لِأَنَّ الْأَمْنَ وَالْخَوْفَ لَا يَلْحَقَانِ الْبَلَدَ وَإِنَّمَا يَلْحَقَانِ مَنْ فِيهِ .
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْأَمْنِ الْمَسْؤُولِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، فَقَالَ قَائِلُونَ : سَأَلَ الْأَمْنَ مِنَ الْقَحْطِ وَالْجَدْبِ ؛ لِأَنَّهُ أَسْكَنَ أَهْلَهُ بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ وَلَا ضَرْعٍ ، وَلَمْ يَسْأَلْهُ الْأَمْنَ مِنَ الْخَسْفِ وَالْقَذْفِ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ آمِنًا مِنْ ذَلِكَ قَبْلُ ، وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهُ سَأَلَ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : هُوَ كَقَوْلِهِ
[ ص: 98 ] تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَالْمُرَادُ وَاللَّهِ أَعْلَمُ بِذَلِكَ الْأَمْنُ مِنَ الْقَتْلِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ سَأَلَهُ مَعَ رِزْقِهِمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ وَقَالَ عَقِيبَ مَسْأَلَةِ الْأَمْنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=35رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ ثُمَّ قَالَ فِي سِيَاقِ الْقِصَّةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ فَذَكَرَ مَعَ مَسْأَلَتِهِ الْأَمْنَ وَأَنْ يَرْزُقَهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ ، فَالْأَوْلَى حَمْلُ مَعْنَى مَسْأَلَةِ الْأَمْنِ عَلَى فَائِدَةٍ جَدِيدَةٍ غَيْرِ مَا ذَكَرَهُ فِي سِيَاقِ الْقِصَّةِ وَنَصَّ عَلَيْهِ مِنَ الرِّزْقِ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : إِنَّ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَمْنِهَا مِنَ الْقَتْلِ قَدْ كَانَ مُتَقَدِّمًا لِعَهْدِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653971إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي ، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ يَعْنِي الْقِتَالَ فِيهَا ؛ فَسَأَلَهُ إِدَامَةَ هَذَا الْحُكْمِ فِيهَا وَتَبْقِيَتَهُ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ بَعْدَهُ .
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إِنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَرَمًا وَلَا أَمْنًا قَبْلَ مَسْأَلَةِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=74496إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ . وَالْأَخْبَارُ الْمَرْوِيَّةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ
مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي ، أَقْوَى وَأَصَحُّ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ حَرَامًا قَبْلَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَرَّمَهَا بِتَحْرِيمِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَاتَّبَعَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا .
وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى نَفْيِ تَحْرِيمِهَا قَبْلَ عَهْدِ
إِبْرَاهِيمَ مِنْ غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي صَارَتْ بِهِ حَرَامًا بَعْدَ الدَّعْوَةِ ، وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ يَمْنَعُ مِنِ اصْطِلَامِ أَهْلِهَا وَمِنَ الْخَسْفِ بِهِمْ وَالْقَذْفِ الَّذِي لَحِقَ غَيْرَهَا وَبِمَا جَعَلَ فِي النُّفُوسِ مِنْ تَعْظِيمِهَا وَالْهَيْبَةِ لَهَا ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي بِالْحُكْمِ بِأَمْنِهَا عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ ، فَأَجَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى ذَلِكَ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126وَمَنْ كَفَرَ قَدْ تَضَمَّنَ اسْتِجَابَتَهُ لِدَعْوَتِهِ وَإِخْبَارَهُ أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَيْضًا بِمَنْ كَفَرَ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا ، وَقَدْ كَانَتْ دَعْوَةُ
إِبْرَاهِيمَ خَاصَّةً لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، فَدَلَّتْ " الْوَاوُ " الَّتِي فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126وَمَنْ كَفَرَ عَلَى إِجَابَةِ دَعْوَةِ
إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى اسْتِقْبَالِ الْأَخْبَارِ بِمُتْعَةِ مَنْ كَفَرَ قَلِيلًا ، وَلَوْلَا الْوَاوُ لَكَانَ كَلَامًا مُنْقَطِعًا مِنَ الْأَوَّلِ غَيْرَ دَالٍّ عَلَى اسْتِجَابَةِ دَعَوْتِهِ فِيمَا سَأَلَهُ ، وَقِيلَ فِي مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126فَأُمَتِّعُهُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُمَتِّعُهُ بِالرِّزْقِ الَّذِي يَرْزُقُهُ
[ ص: 99 ] إِلَى وَقْتِ مَمَاتِهِ .
وَقِيلَ : " أُمَتِّعُهُ " بِالْبَقَاءِ فِي الدُّنْيَا " وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ : " أُمَتِّعُهُ " بِالرِّزْقِ وَالْأَمْنِ إِلَى خُرُوجِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقْتُلُهُ إِنْ قَامَ عَلَى كُفْرِهِ أَوْ يُجْلِيهِ عَنْهَا " . فَتَضَمَّنَتِ الْآيَةُ حَظْرَ قَتْلِ مَنْ لَجَأَ إِلَيْهِ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا مَعَ وُقُوعِ الِاسْتِجَابَةِ لَهُ ، وَالثَّانِي : قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلا ؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَفَى قَتْلَهُ بِذِكْرِ الْمُتْعَةِ إِلَى وَقْتِ الْوَفَاةِ .