ولما كان علم ما يأتي أخفى من علم ما سبق، أتى [فيه -] بمظهر العظمة فقال: نحن أعلم من كل أحد بما يقولون أي في ذلك اليوم إذ يقول أمثلهم طريقة في الدنيا فيما يحسبون، [أي أقربهم إلى أن تكون طريقته مثل ما يطلب منه -]: إن [أي ما -] لبثتم [ودل على أن المعدود المحذوف من الأول الأيام بقوله -]: إلا يوما أي مبدأ الآحاد، لا مبدأ العقود كما قال في الآية الأخرى قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون فلا يزالون في إفك وصرف عن الحق في الدارين، لأن الإنسان يموت على ما عاش عليه، ويبعث على ما مات عليه، ويجوز أن يكون المراد [أن -] من قال: إن لبثهم يوم واحد، أمثلهم في نفس الأمر، لأن الزمان وإن طال إنما هو يوم متكرر، ليس مرادا لنفسه، وإنما هو مراد [ ص: 344 ] لما يكون فيه فإن كان خيرا كان صاحبه محمودا [و -] لم يضره قصره، وإن كان شرا كان مذموما ولم ينفعه طوله، [ويجوز أن يكون أنث أولا إرادة لليالي، لأنها محل الراحة المقصودة بالذات، فكان كأنهم قالوا: لم يكن لنا راحة إلا بزمن يسير جدا أكثر أول العقود، ونص الأمثل على اليوم الذي يكون الكد فيه للراحة في الليل إشارة إلى أنهم ما كان لهم في اللبث في الدنيا راحة أصلا، ولم يكن سعيهم إلا نكدا كله كما يكون السعي في يوم لا ليلة يستراح فيها. وإن كانت فيه راحة فهي ضمنية لا أصلية -].