ولما أخبر أن أمرهم ليس إلا إليه ، كان كأنه قيل : فماذا يفعل بهم حينئذ؟ فأجيب بقوله : من جاء أي : منهم أو من غيرهم بالحسنة أي : الكاملة بكونها على أساس الإيمان فله من الحسنات عشر أمثالها كرما وإحسانا وجودا وامتنانا ، يجازيه بذلك في الدنيا أو في الآخرة ، وهذا المحقق لكل أحد ويزداد البعض وضوحا بحسب النيات ، وذكر العشر ؛ لأنه بمعنى الحسنة ، وهو مضاف إلى ضميرها . ولما تضمن قوله : وأوفوا الكيل والميزان بالقسط مع تعقيبه بقوله : لا نكلف نفسا إلا وسعها الإشارة إلى أن المساواة في الجزاء مما ينقطع دونه أعناق الخلق - أخبر أن ذلك عليه هين لأن عمله شامل وقدرته كاملة بقوله : [ ص: 337 ] ومن جاء بالسيئة أي : أي شيء كان من هذا الجنس فلا يجزى أي : في الدارين إلا مثلها [إذا جوزي ، ويعفو عن كثير] .
ولما كانت المماثلة لا يلزم كونها من كل وجه وإن كانت ظاهرة في ذلك لا سيما في هذه العبارة ، صرح بما هو ظاهره لأنه أطيب للنفس وأسكن للروع - فقال : وهم لا يظلمون أي : بكونها مثلها في الوحدة وإن كانت أكبر أو من جنس أشد من جنسها ونحو ذلك ، بل المماثلة موجودة في الكم والكيف ، فلا ينقص أحد في ثواب ولا يزاد في عقاب .