( فإن لم يجد إلا نبيذ التمر قال أبو حنيفة [ ص: 118 ] رحمه الله تعالى : يتوضأ به ولا يتيمم ) لحديث ليلة الجن ، فإن النبي عليه الصلاة والسلام توضأ به حين لم يجد الماء وقال أبو يوسف رحمه الله : يتيمم ولا يتوضأ به وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله ، وبه قال الشافعي رحمه الله عملا بآية التيمم لأنها أقوى ، أو هو منسوخ بها لأنها مدنية ، وليلة الجن كانت مكية . وقال محمد رحمه الله : يتوضأ [ ص: 119 ] به ويتيمم لأن في الحديث اضطرابا وفي التاريخ جهالة فوجب الجمع احتياطا . قلنا ليلة الجن كانت غير واحدة فلا يصح دعوى النسخ ، والحديث مشهور عملت به الصحابة رضي الله عنهم ، وبمثله يزاد على الكتاب . [ ص: 120 ] وأما الاغتسال به فقد قيل يجوز عنده اعتبارا بالوضوء ، وقيل لا يجوز لأن فوقه ، والنبيذ المختلف فيه أن يكون حلوا رقيقا يسيل على الأعضاء كالماء ، وما اشتد منها صار حراما لا يجوز التوضؤ به ، وإن غيرته النار فما دام حلوا رقيقا فهو على الخلاف ، وإن اشتد فعند أبي حنيفة رحمه الله يجوز التوضؤ به لأنه يحل شربه عنده ، وعند محمد رحمه الله لا يتوضأ به لحرمة شربه عنده ، ولا يجوز التوضؤ بما سواه من الأنبذة جريا على قضية القياس .


