الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 138 ] ( ويتيمم الصحيح في المصر إذا حضرت جنازة والولي غيره فخاف إن اشتغل بالطهارة أن تفوته الصلاة ) لأنها لا تقضى فيتحقق العجز ( وكذا من حضر العيد فخاف إن اشتغل بالطهارة أن يفوته العيد يتيمم ) لأنها لا تعاد . وقوله والولي غيره إشارة إلى أنه لا يجوز للولي ، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله هو الصحيح ، لأن للولي حق الإعادة فلا فوات في حقه ( وإن أحدث الإمام أو المقتدي في صلاة العيد تيمم وبنى عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا : لا يتيمم ) لأن اللاحق يصلي بعد فراغ الإمام فلا يخاف الفوت . وله أن الخوف باق لأنه يوم زحمة فيعتريه [ ص: 139 ] عارض يفسد عليه صلاته ، والخلاف فيما إذا شرع بالوضوء ، ولو شرع بالتيمم تيمم وبنى بالاتفاق ، لأنا لو أوجبنا الوضوء يكون واجدا للماء في صلاته فيفسد .

التالي السابق


( قوله ويتيمم الصحيح إلخ ) منعه الشافعي لأنه تيمم مع عدم شرطه .

قلنا مخاطب بالصلاة عاجز عن الوضوء لها فيجوز ، أما الأولى فلأن تعلق فرض الكفاية على العموم غير أنه يسقط بفعل البعض ، وأما الثانية فبفرض المسألة ، وحديث الدارقطني بسنده عن ابن عمر أنه أتي بجنازة وهو على غير وضوء فتيمم ثم صلى عليها ، وذكره مشايخنا عن ابن عباس ( قوله وهو رواية الحسن إلخ ) احتراز عن ظاهر الرواية أنه يجوز للولي أيضا لأن الانتظار فيها مكروه ، ثم لو صلى به فحضرت أخرى خاف فوتها كذلك كان له أن يصلي بذلك التيمم عندهما خلافا لمحمد قال : انتهت تلك بانتهاء الضرورة وهذه ضرورة أخرى .

وقالا : وقع معتدا به لتلك وهذه مثلها من كل وجه فجازت به ، وقيده في شرح الكنز عن أبي يوسف بما إذا لم يوجد بين [ ص: 139 ] الجنازتين وقت يمكنه فيه الوضوء .

( قوله لأنا لو أوجبنا الوضوء إلخ ) يعني لو كان شرع بالتيمم في صلاة العيد فسبقه الحدث لو أوجبنا عليه الوضوء نظرا إلى أنه لاحق فلا فوت عليه كان هذا الإيجاب فرع الحكم شرعا بوجود الماء ، إذ لا يجب الوضوء مع حكم الشرع بعدم الماء ، والحكم بأنه واجد للماء يوجب فساد الصلاة بالتيمم ، وهذا بناء على أن الحكم بأنه واجد بعد سبق الحدث يستلزم الحكم بأنه واجد في الصلاة ، إذ لا فصل بين زمانه وما قبله بشيء أصلا . وقد يقال : لا يلزم لأن الحكم شرعا بالعدم السابق بناء على خوف الفوت وقد زال بسبق الحدث فيجب أن يتغير الاعتبار الشرعي فيعد قبل السبق عادما وبعده واجدا .

وقيل في التعليل : لو أوجبنا الوضوء فسدت صلاته برؤية الماء فيقع الفوات ، وفيه نظر ظاهر إذ الانتقاض برؤية الماء لا يتحقق لأن انتقاض التيمم قد وجد قبله بسبق الحدث فلم يبق إلا ما قدمناه وعليه ما ذكرناه . واعلم أن محل الخلاف ما إذا خاف : أي شك في الإدراك وعدمه ، أما لو كان يرجو الإدراك ويغلب على ظنه عدم عروض المفسد لا يتيمم إجماعا .




الخدمات العلمية