الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 109 ] ( وسؤر الكلب نجس ) ويغسل الإناء من ولوغه ثلاثا لقوله عليه الصلاة والسلام { يغسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاثا } ولسانه يلاقي الماء دون الإناء ، فلما تنجس الإناء فالماء أولى ، وهذا يفيد النجاسة والعدد في الغسل ، وهو حجة على الشافعي رحمه الله في اشتراط السبع ، ولأن ما يصيبه بوله يطهر بالثلاث ، فما يصيبه سؤره وهو دونه أولى . [ ص: 110 ] والأمر الوارد بالسبع محمول على ابتداء الإسلام .

التالي السابق


( قوله ويغسل الإناء من ولوغه ثلاثا لقوله صلى الله عليه وسلم ) روى الدارقطني عن الأعرج عن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم في الكلب يلغ في الإناء يغسل ثلاثا أو خمسا أو سبعا قال : تفرد به عبد الوهاب عن إسماعيل وهو متروك ، وغيره يرويه عن إسماعيل بهذا الإسناد فاغسلوه سبعا ، ثم رواه بسند صحيح عن عطاء موقوفا على أبي هريرة أنه كان إذا ولغ الكلب في الإناء أهراقه ثم غسله ثلاث مرات . ورواه مرفوعا ابن عدي في الكامل بسند فيه الحسين بن علي الكرابيسي ولفظه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليهرقه وليغسله ثلاث مرات } وقال : لم يرفعه غير الكرابيسي ، والكرابيسي لم أجد له حديثا منكرا غير هذا ، وقال : لم أر به بأسا في الحديث انتهى .

فلقائل أن يقول : الحكم بالضعف والصحة إنما هو في الظاهر ، أما في نفس الأمر فيجوز صحة ما حكم بضعفه ظاهرا وثبوت كون مذهب أبي هريرة ذلك قرينة تفيد أن هذا مما أجاده الراوي المضعف ، وحينئذ فيعارض حديث السبع ويقدم عليه لأن مع حديث السبع دلالة التقدم للعلم بما كان من التشديد في أمر الكلاب أول الأمر حتى أمر بقتلها ، والتشديد في سؤرها يناسب كونه إذ ذاك وقد ثبت نسخ ذلك ، فإذا عارض قرينه معارض كان التقدمة له وهذا قول المصنف ، والأمر الوارد بالسبع محمول على الابتداء ، ولو طرحنا الحديث بالكلية كان في عمل أبي هريرة على خلاف حديث السبع ، وهو راويه كفاية لاستحالة أن يترك القطعي للرأي منه ، وهذا لأن ظنية خبر الواحد إنما هو بالنسبة إلى غير راويه ، فأما بالنسبة إلى راويه الذي سمعه من في النبي صلى الله عليه وسلم فقطعي حد ينسخ به الكتاب إذا كان قطعي الدلالة في معناه فلزم أنه لا يتركه إلا لقطعه بالناسخ ، إذ القطعي لا يترك إلا لقطعي فبطل تجويزهم تركه بناء على ثبوت ناسخ في اجتهاده المحتمل للخطإ . وإذا علمت ذلك كان

[ ص: 110 ] تركه بمنزلة روايته للناسخ بلا شبهة فيكون الآخر منسوخا بالضرورة




الخدمات العلمية