بسم الله الرحمن الرحيم [ ص: 5 - 6 ] الحمد لله الذي أعلى معالم العلم وأعلامه ، [ ص: 7 ] وأظهر شعائر الشرع وأحكامه ، [ ص: 8 ] وبعث رسلا وأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين إلى سبل الحق هادين ، وأخلفهم علماء إلى سنن سننهم داعين ، يسلكون فيما لم يؤثر عنهم مسلك الاجتهاد ، [ ص: 9 ] مسترشدين منه في ذلك وهو ولي الإرشاد ، وخص أوائل المستنبطين بالتوفيق حتى وضعوا مسائل من كل جلي ودقيق غير أن الحوادث متعاقبة الوقوع ، والنوازل يضيق عنها نطاق الموضوع ، واقتناص الشوارد بالاقتباس من الموارد ، والاعتبار بالأمثال من صنعة الرجال ، وبالوقوف على المأخوذ يعض عليها بالنواجذ ، وقد جرى على الوعد في مبدإ بداية المبتدي أن أشرحها بتوفيق الله تعالى شرحا أرسمه بكفاية المنتهي ، فشرعت فيه [ ص: 10 ] والوعد يسوغ بعض المساغ ، وحين أكاد أتكي عنه اتكاء الفراغ ، تبينت فيه نبذا من الإطناب وخشيت أن يهجر لأجله الكتاب ، فصرفت العنان والعناية إلى شرح آخر موسوم بالهداية ، أجمع فيه بتوفيق الله تعالى بين عيون الرواية ومتون الدراية ، تاركا للزوائد في كل باب ، معرضا عن هذا النوع من الإسهاب ، مع ما أنه يشتمل على أصول ينسحب عليها فصول ، وأسأل الله تعالى أن يوفقني لإتمامها ، ويختم لي بالسعادة بعد اختتامها ، [ ص: 11 ] حتى إن من سمت همته إلى مزيد الوقوف يرغب في الأطول والأكبر ، ومن أعجله الوقت عنه يقتصر على الأقصر والأصغر . وللناس فيما يعشقون مذاهب والفن خير كله .
ثم سألني بعض إخواني أن أملي عليهم المجموع الثاني ، فافتتحته مستعينا بالله تعالى في تحرير ما أقاوله متضرعا إليه في التيسير لما أحاوله ، إنه الميسر لكل عسير وهو على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
[ ص: 5 ]