[ ص: 36 ] ( فصل في نواقض الوضوء ) [ ص: 37 ] المعاني الناقضة للوضوء كل ما يخرج من السبيلين ) لقوله تعالى { أو جاء أحد منكم من الغائط } { وقيل لرسول صلى الله عليه وسلم ما الحدث ؟ قال : ما يخرج من السبيلين } وكلمة ما عامة فتتناول المعتاد وغيره [ ص: 38 ] ( والدم والقيح إذا خرجا من البدن فتجاوزا إلى موضع [ ص: 39 ] يلحقه حكم التطهير ) ، ( والقيء ملء الفم ) وقال الشافعي رحمه الله : الخارج من غير السبيلين لا ينقض الوضوء لما روي { أنه عليه الصلاة والسلام قاء فلم يتوضأ } ولأن غسل غير موضع الإصابة أمر تعبدي فيقتصر على مورد الشرع [ ص: 40 ] وهو المخرج المعتاد ، ولنا قوله صلى الله عليه وسلم { الوضوء من كل دم سائل } [ ص: 41 ] وقوله عليه الصلاة والسلام { من قاء أو رعف في صلاته فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته ما لم يتكلم } [ ص: 42 ] ولأن خروج النجاسة مؤثر في زوال الطهارة ، وهذا القدر في الأصل معقول ، والاقتصار على الأعضاء الأربعة غير معقول لكنه يتعدى ضرورة تعدي الأول ، غير أن الخروج إنما يتحقق بالسيلان إلى موضع يلحقه حكم التطهير ، وبملء الفم في القيء لأن بزوال القشرة تظهر النجاسة في محلها فتكون بادية لا خارجة ، بخلاف السبيلين [ ص: 43 ] لأن ذلك الوضع ليس بموضع النجاسة فيستدل بالظهور على الانتقال والخروج ، وملء الفم أن يكون بحال لا يمكن ضبطه إلا بتكلف لأنه يخرج ظاهرا فاعتبر خارجا . وقال زفر رحمه الله : قليل القيء وكثيره سواء ، وكذا لا يشترط [ ص: 44 ] السيلان عنده اعتبارا بالمخرج المعتاد ، ولإطلاق قوله عليه الصلاة والسلام { القلس حدث } . ولنا قوله عليه الصلاة والسلام { ليس في القطرة والقطرتين من الدم وضوء إلا أن يكون سائلا } وقول علي رضي الله عنه حين عد الأحداث جملة : أو دسعة تملأ الفم . وإذا تعارضت الأخبار يحمل ما رواه الشافعي رحمه الله على القليل ، وما رواه زفر رحمه الله على الكثير ، والفرق بين المسلكين قد بيناه .
ولو قاء متفرقا بحيث لو جمع يملأ الفم ، فعند أبي يوسف رحمه الله يعتبر اتحاد المجلس ، [ ص: 45 ] وعند محمد رحمه الله يعتبر اتحاد السبب وهو الغثيان ، ثم ما لا يكون حدثا لا يكون نجسا ، يروى ذلك عن أبي يوسف رحمه الله ، وهو الصحيح لأنه ليس بنجس حكما حيث لم تنتقض به الطهارة [ ص: 46 ] ( وهذا إذا قاء مرة أو طعاما أو ماء ، فإن قاء بلغما فغير ناقض ) عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله . وقال أبو يوسف رحمه الله ناقض إذا كان ملء الفم ، والخلاف في المرتقي من الجوف . أما النازل من الرأس فغير ناقض بالاتفاق ; لأن الرأس ليس بموضع النجاسة .
لأبي يوسف رحمه الله أنه نجس بالمجاورة ، ولهما أنه لزج لا تتخلله النجاسة وما يتصل به قليل والقليل في القيء غير ناقض ( ولو قاء دما وهو علق ) ( يعتبر فيه ملء الفم [ ص: 47 ] لأنه سوداء محترقة ) وإن كان مائعا فكذلك عند محمد رحمه الله اعتبارا بسائر أنواعه ، وعندهما إن سال بقوة نفسه ينتقض الوضوء وإن كان قليلا لأن المعدة ليست بمحل الدم فيكون من قرحة في الجوف


