حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور ؛ أعلم الله - جل وعز - نوحا أن وقت إهلاكهم فور التنور؛ وقيل في التنور أقوال؛ قيل: إن التنور وجه الأرض؛ ويقال: إن الماء فار من ناحية مسجد الكوفة ؛ ويقال: إن الماء فار من تنور الخابزة؛ وقيل: "التنور": تنوير الصبح .
والجملة أن الماء فار من الأرض؛ وجاء من السماء؛ قال الله - جل وعز -: ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر ؛ فالماء فوره من تنور؛ أو من ناحية المسجد؛ أو من وجه الأرض؛ أو في وقت الصبح؛ لا يمنع أن يكون ذلك العلامة لإهلاك القوم؛ قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين ؛ أي: من كل شيء .
و"الزوج"؛ في كلام العرب: واحد؛ ويجوز أن يكون معه واحد؛ والاثنان يقال لهما: "زوجان"؛ يقول الرجل: "علي زوجان من الخفاف"؛ وتقول: "عندي زوجان من الطير"؛ وإنما تريد "ذكر"؛ أو "أنثى"؛ فقط؛ وتقرأ: "من كل زوجين"؛ على الإضافة .
والمعنى واحد في الزوجين؛ أضفت أم لم تضف؛ وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن ؛ [ ص: 52 ] أي: "واحمل من آمن"؛ ويقال: "إن الذين آمنوا معه كانوا ثمانين نفسا"؛ فقال (تعالى): وما آمن معه إلا قليل ؛ لأن ثمانين قليل في جملة أمة قوم نوح .