وقالوا قولا آخر: "إلا ما شاء ربك؛ وهو لا يريد أن يخرجهم منها"؛ كما تقول: "أنا أفعل كذا وكذا إلا أن أشاء غير ذلك"؛ ثم تقيم على ذلك الفعل وأنت قادر على غير ذلك؛ فتكون الفائدة في هذا الكلام أن لو شاء يخرجهم لقدر؛ ولكنه قد أعلمنا أنهم خالدون أبدا؛ [ ص: 80 ] فهذان المذهبان من مذاهب أهل اللغة.
وقولان آخران: قال بعضهم: إذا حشروا وبعثوا؛ فهم في شروط القيامة؛ فالاستثناء وقع من الخلود بمقدار موقفهم للحساب؛ والمعنى: "خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا مقدار موقفهم للمحاسبة"؛ وفيها قول رابع: أن الاستثناء وقع على أن لهم فيها زفيرا وشهيقا إلا ما شاء ربك من أنواع العذاب التي لم تذكر.
وكذلك لأهل الجنة نعيم ما ذكر؛ ولهم ما لم يذكر مما شاء ربك؛ ويدل عليه - والله أعلم - عطاء غير مجذوذ ؛ أي: غير مقطوع؛ قال : النابغة
تجذ السلوقي المضاعف نسجه وتوقد بالصفاح نار الحباحب
يصف السيوف؛ وأنها تقطع الدروع.