وقيل: إنه رأى في البيت مكتوبا: ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ؛ وهذا مذهب أهل التفسير؛ ولسنا نشك أنه قد رأى برهانا قطعه عما هم به.
وقال قوم: المعنى: "ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه"؛ وذهبوا إلى أن المعنى: "لولا أن رأى برهان ربه لهم بها"؛ والذي عليه المفسرون أنه هم بها؛ وأنه جلس منها مجلس الرجل من المرأة؛ إلا أن الله تفضل بأن أراه البرهان؛ ألا تراه قال: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء ؟ والمعنى: "لولا أن رأى برهان ربه لأمضى ما هم به".
وليس في الكلام بكثير أن تقول: "ضربتك لولا زيد"؛ و"لا هممت بك لولا زيد"؛ إنما الكلام: "لولا زيد لهممت بك"؛ و"لولا"؛ تجاب باللام؛ فلو [ ص: 102 ] كان:
"ولقد همت به ولهم بها لولا أن رأى "؛ أي: برهان ربه؛ لكان يجوز على بعد.
وقوله: كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ؛ أي: كذلك أريناه البرهان؛ لنصرف عنه السوء؛ والفحشاء؛ فـ "السوء": خيانة صاحبه؛ و"الفحشاء": ركوب الفاحشة؛ إنه من عبادنا المخلصين ؛ أي: الذين أخلصوا؛ أخلصهم الله من الأسواء؛ والفواحش؛ مثل المصطفين؛ وقرئت: "من المخلصين"؛ بكسر اللام؛ أي: الذين أخلصوا دينهم لله - عز وجل.