وقوله: ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ؛ قيل: السبع من المثاني هي فاتحة الكتاب ؛ وهي سبع آيات؛ وإنما قيل لها: "المثاني"؛ لأنها يثنى بها في كل ركعة من ركعات الصلاة؛ ويثنى بها مع ما يقرأ من القرآن؛ ويجوز - والله أعلم - أن يكون "من المثاني"؛ أي: مما أثني به على الله؛ لأن فيها حمد الله؛ وتوحيده؛ وذكر ملائكته؛ وملكه يوم الدين.
وروي في التفسير أنه ما أعطيت أمة كما أعطيت أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - من سورة "الحمد"؛ فأما دخول "من"؛ فهي ههنا تكون على ضربين؛ تكون للتبعيض: "من القرآن"؛ أي: "ولقد آتيناك سبع آيات من جملة الآيات التي يثنى بها على الله - عز وجل -؛ وآتيناك القرآن العظيم"؛ ويجوز أن يكون السبع هي المثاني؛ وتكون "من" الصفة؛ كما قال - عز وجل -: فاجتنبوا الرجس من الأوثان ؛ المعنى: "اجتنبوا الأوثان"؛ لا أن بعضها رجس .
[ ص: 186 ] ويجوز أن يكون المعنى: "سبعا مثاني"؛ على هذا القياس؛ ويدل على القول الأول قوله - عز وجل -: الله نـزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني ؛ وقيل: "سبعا من المثاني": السبع الطوال؛ من "البقرة"؛ إلى "الأعراف"؛ ست؛ واختلفوا في السابعة؛ فقال بعضهم: سورة " يونس "؛ وقيل: "الأنفال"؛ و"براءة"؛ وإنما سميت "مثاني"؛ لذكر الأقاصيص فيها مثناة؛ ويجوز: "والقرآن العظيم"؛ بالخفض؛ ولكن لا تقرأن به؛ إلا أن تثبت به رواية صحيحة.