وفي قوله: لكنا هو الله ربي ؛ خمسة أوجه: "لكن هو الله ربي"؛ بتشديد النون؛ وفتحها؛ ويوقف عليها بالألف؛ ويوصل بغير ألف؛ ويقرأ: "لكنا هو الله ربي"؛ بالألف موصولة؛ ويقرأ: "لكن هو الله ربي"؛ بسكون النون؛ ويجوز - ولا أعلم أحدا قرأ به -: "لكنن هو الله ربي"؛ بنونين مفتوحتين.
ويجوز: "لكننا هو الله ربي"؛ بنونين وألف؛ فمن قرأ بتشديد النون فالمعنى: "لكن أنا هو الله ربي"؛ فطرحت الهمزة على النون؛ فتحركت بالفتح؛ واجتمع حرفان من جنس واحد؛ فأدغمت النون الأولى في الثانية؛ وحذفت الألف في الوصل؛ لأنها تثبت في الوقف؛ وتحذف في الوصل؛ ومن قرأ: "لكنا"؛ فأثبت الألف في الوصل؛ كما كان تثبيتها في [ ص: 287 ] الوقف؛ فهذا على لغة من قال: "أنا قمت"؛ فأثبت الألف؛ قال الشاعر:
أنا سيف العشيرة فاعرفوني حميدا قد تذريت السناما
قال أبو إسحاق : وألف "أنا"؛ في كل هذا إثباتها شاذ في الوصل; ولكن من أثبت فعلى الوقف؛ كما أثبت الهاء في قوله: وما أدراك ما هيه ؛ و كتابيه ؛ ومن قرأ: "لكن هو الله ربي"؛ وهي "لكن"؛ وحدها؛ ليس معها اسم؛ ومن قرأ: "لكنن"؛ لم يدغم؛ لأن النونين من كلمتين؛ وكذلك من قال: "لكننا"؛ بنونين؛ وألف؛ على قياس "لكن أنا"؛ لم يدغم؛ لأن النونين من كلمتين.
وفي "أنا"؛ في الوصل؛ ثلاث لغات؛ أجودها: "أنا قمت"؛ مثل قوله: أنا ربكم ؛ بغير ألف في اللفظ؛ ويجوز: "أنا قمت"؛ بإثبات الألف؛ وهو ضعيف جدا؛ وحكوا: "أن قمت"؛ بإسكان النون؛ وهو ضعيف أيضا؛ فأما "لكنا هو الله ربي"؛ فهو الجيد؛ بإثبات الألف؛ لأن الهمزة قد حذفت من "أنا"؛ فصار إثبات الألف عوضا من الهمزة؛ فهذا جميع ما يحتمله هذا الحرف.
والجيد البالغ ما في مصحف ؛ ولم نذكره في هذه القراءات؛ لمخالفته المصحف؛ وهو "لكن أنا هو الله ربي"؛ فهذا هو الأصل؛ وجميع ما قرئ به جيد؛ بالغ؛ ولا أنكر القراءة بهذا؛ لأن الحذف قد يقع في الكتاب كثيرا في الياءات والهمزات؛ فيقرأ بالحذف؛ وبالتمام؛ نحو قوله: [ ص: 288 ] أبي بن كعب يوم يدع الداع إلى شيء نكر ؛ من قرأ: "الداعي"؛ فمصيب؛ ومن قرأ: "الداع"؛ فمصيب"؛ وكذلك من قرأ: "لكنا"؛ و"لكن أنا"؛ فهو مصيب؛ والأجود اتباع القراء؛ ولزوم الرواية؛ فإن القراءة سنة؛ وكلما كثرت الرواية في الحرف؛ وكثرت به القراءة؛ فهو المتبع؛ وما جاز في العربية؛ ولم يقرأ به قارئ؛ فلا تقرأن به؛ فإن القراءة به بدعة؛ وكل ما قلت فيه الرواية؛ وضعف عند أهل العربية؛ فهو داخل في الشذوذ؛ ولا ينبغي أن تقرأ به.