[ ص: 90 ] باب
ذكر أحكام نقط الهمزة المفردة اللينة
اعلم أن الهمزة المفردة التي تقع حشوا في الكلمة ، ويختلف في تحقيقها وتليينها ترد على ثلاثة أضرب : فالأول منها أن تتحرك وما قبلها بالفتح ، وذلك في نحو قوله : " هانتم " ، و أرايت : ، و أرايتم ، و أفرايت ، و أفرايتم ، و كانهم ، و أفانت ، و " إذا رايت ثم رايت " ، وشبهه ، مما ورد الاختلاف فيه عن أئمة القراءة ، على نحو ما ذكر في كتاب الحروف . والضرب الثاني أن تتحرك بالفتح وما قبلها بالكسر ، وذلك نحو قوله ليلا ، و " بانه " ، و " بانهم " ، و " بان الله " ، و " خاسيا " ، و " بالخاطية " ، و " رياء الناس " ، وشبهه ، مما يختلف فيه . والضرب الثالث أن تتحرك بالفتح وما قبلها بالضم ، وذلك نحو قوله : " فليود " ، [ ص: 91 ] و " يوده " ، و " موذن " ، و " موجلا " ، و " المولفة " ، وشبهه ، مما اختلف فيه .
فإذا نقط ذلك كله على مذهب من لين الهمزة المتوسطة فيه من القراء ؛ جعل في موضع التي صورتها ألف ؛ لانفتاح ما قبلها ؛ نقطة بالحمراء على رأس الألف ، وفي موضع التي صورتها ياء ؛ لانكسار ما قبلها ؛ نقطة بالحمراء على رأس الياء ، وفي موضع التي صورتها واو ؛ لانضمام ما قبلها ، نقطة بالحمراء على رأس الواو . فيدل بذلك على تليينها وتسهيلها . ويتحقق أيضا بإثبات الحركة وإسقاط النبرة أنها في زنة المتحركة .
فأما قوله " الي " حيث وقع ، على قراءة من لين الهمزة ، ففي نقط الياء التي هي خلف من الهمزة وجهان : إن شاء الناقط جعل تحتها نقطة بالحمراء ، وجعل فوقها دارة ؛ علامة لتخفيفها ، ودلالة على أنها همزة ملينة . وإن شاء أعراها من النقطة ، إذ كسرها ليس بخالص ، وجعل الدارة وحدها عليها .
[ ص: 92 ] فإن قال قائل : من أين جعلت علامة تليين الهمزة فيما تقدم نقطة لا غير ، وتليينها يختلف في ذلك ، من حيث كانت المفتوح ما قبلها مجعولة في التليين بين بين ، وكانت المكسور ما قبلها ، والمضموم ما قبلها مبدلتين فيه حرفا صحيحا ، ياء أو واوا ؟ قلت : جعلت ذلك ، من حيث عدل بالمجعولة بين بين ، والمبدلة حرفا خالصا ، عن حال التحقيق ؛ طلبا للخفة وتسهيل اللفظ ، وحصلتا معا في حال التخفيف . وإن اختلف حكمهما فيه ؛ فقد جمعهما الخروج عن الأصل الذي هو التحقيق إلى الفرع الذي هو التخفيف . فلذلك سوي بين علامتيهما ؛ دلالة على ذلك ، وإشعارا به . وبالله التوفيق .