ويخرج من كلامه مسألة حسنة ، وهي : مسبوق أدرك الإمام في السجدة الأولى من صلب صلاته فسجد معه ثم رفع الإمام رأسه فأحدث وانصرف ، قال ابن أبي هريرة وابن كج : على المسبوق أن يأتي بالسجدة الثانية ; لأنه صار في حكم من لزمه السجدتان . ونقل عن القاضي أبو الطيب عن عامة الأصحاب أنه لا يسجد ; لأنه بحدث الإمام انفرد ، فهي زيادة محضة بغير متابعة ، فكانت مبطلة . ا هـ . والثاني أصح وخرج بفعل زيادة ركن قولي غير تكبيرة الإحرام والسلام ( إلا أن ينسى ) ; { لأنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمسا ولم يعد صلاته بل سجد للسهو } ، ولو قرأ آية سجدة في صلاته فهوى للسجود فلما وصل لحد الركوع بدا له تركه جاز كقراءة بعض التشهد الأول .
ولو سجد على خشن فرفع رأسه خوفا من جرح جبهته ثم سجد ثانيا بطلت صلاته إن كان قد تحامل على الخشن بثقل رأسه في أقرب احتمالين حكاهما القاضي الحسين . ثانيهما تبطل مطلقا ، ومثله ما لو سجد على شيء فانتقل عنه لغيره بعد تحامله عليه ورفع رأسه عنه ، بخلاف ما لو فعل قبل سجود محسوب له كأن سجد على نحو يده ثم رفعها وسجد على الأرض ( وإلا ) أي ، وإن لم يكن من جنس أفعالها كضرب ومشي ( فتبطل ) صلاته ( بكثيره ) في غير نفل السفر وشدة الخوف ; لأنه يقطع نظمها ، ولا تدعو الحاجة له غالبا ( لا قليله ) إن لم يقصد به لعبا أخذا مما مر ; لأنه عليه الصلاة والسلام فعل القليل وأذن فيه ، فخلع نعليه في الصلاة ووضعهما عن يساره ، وغمز رجل عائشة في السجود ، وأشار برد السلام ، وأمر بقتل الأسودين في الصلاة الحية والعقرب ، وأمر بدفع المار وأذن في تسوية الحصى ، ولأن [ ص: 50 ] المصلي يعسر عليه السكون على هيئة واحدة في زمان طويل ، ولا بد من رعاية التعظيم فعفي عن القليل الذي لا يخل به دون الكثير ( والكثرة ) والقلة ( بالعرف ) فما يعده للناس قليلا كنزع خف ولبس ثوب فغير ضار ويحرم إلقاء نحو قملة في المسجد ، وإن كانت حية ولا يحرم إلقاؤها خارجه ( فالخطوتان ) ، وإن اتسعتا حيث لا وثبة كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى خلافا للإمام ( أو الضربتان قليل ) لما مر ( والثلاث كثير ) من ذلك أو من غيره ( إن توالت ) ، وإن كانت بقدر خطوة واحدة مغتفرة ، واضطرب المتأخرون في تعريف الخطوة ، والذي أفتى به الوالد رحمه الله تعالى أنها عبارة عن نقل رجل واحدة إلى أي جهة كانت ، فإن نقل الأخرى عدت ثانية سواء أساوى بها الأولى أم قدمها عليها أم أخرها عنها ، إذ المعتبر تعدد الفعل ، وخرج بأن توالت ما لو تفرقت بحيث تعد الثانية مثلا منقطعة عن الأولى أو الثانية منقطعة عن الثالثة فلا يضر ، ولو فعل واحدة ناويا الثلاث المتوالية بطلت كما قاله العمراني ، وقياسه البطلان بحرف واحد إذا أتى به على قصد إتيانه بحرفين ، ولو شك في كثرة فعله لم تبطل إذ الأصل عدمه .


