الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( نطق بنظم القرآن ) أو بذكر آخر كما شمله كلام كثير ( بقصد التفهيم ك { يا يحيى خذ الكتاب } ) مفهما به من يستأذنه في أخذ ما يريد أخذه وكقوله لمن استأذنه في الدخول عليه { ادخلوها بسلام آمنين } أو لمن ينهاه عن فعل شيء { يوسف أعرض عن هذا } ( إن قصد معه ) أي التفهيم ( قراءة لم تبطل ) ; لأنه قرآن فصار كما لو قصد به القرآن وحده ( وإلا ) بأن قصد التفهيم فقط أو لم يقصد شيئا ( بطلت ) ; لأن القرآن لا يكون قرآنا إلا بالقصد .

                                                                                                                            وما تقرر في صورة الإطلاق هنا هو المعتمد ; لأن القرينة متى وجدت صرفته إليها ما لم ينو صرفه عنها ، وفي حالة الإطلاق لم ينو شيئا فأثرت ، وادعى المصنف في دقائقه دخول هذه الصورة في قوله ، وإلا نوزع في الدخول ; لأن مورد التقسيم وقع فيما قصد به التفهيم فلا يشمل قصد القراءة وحدها ولا الإطلاق . ويجاب بأنه إذا عرف أن قصده مع القراءة لا يضر فقصدها وحدها أولى ، وبأن إلا تشمل نفي كل من المقسم وقيد المقسم ، ولعله ملحظ المصنف في تصريحه بشمول المتن للصور الأربع ، وسواء أكان انتهى في قراءته إلى تلك الآية أم أنشأها كما اقتضاه إطلاق التحقيق وغيره ، وهو الأوجه ; لوجود القرينة الصارفة عن القراءة في محلها ، وإن بحث في المجموع الفرق بين أن يكون قد انتهى في قراءته إليها فلا يضر ، وإلا فيضر ، وسواء ما يصح للتخاطب وما لا يصح له خلافا لجمع متقدمين .

                                                                                                                            وشمل كلامهم الفتح على الإمام بالقرآن أو بالذكر كان ارتج عليه كلمة في نحو التشهد فقالها المأموم ، والجهر بتكبير الانتقالات من الإمام [ ص: 43 ] أو المبلغ فيأتي فيهما التفصيل من الصور الأربع المذكورة كما اقتضاه كلام الرافعي وغيره واعتمده الإسنوي وغيره وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، وخرج بنظم القرآن ما لو غير نظمه بقوله يا إبراهيم سلام كن فإن صلاته تبطل مطلقا . نعم إن قصد بكل القراءة بمفردها لم تبطل ، وإن أتى بها مجموعة فيما يظهر كما أفاده الشيخ في الغرر ; وفي المجموع عن العبادي : لو قال الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب النار بطلت صلاته إن تعمد ، وإلا فلا ويسجد للسهو ، وهو المعتمد ; وفي فتاوى القفال : إن قال ذلك متعمدا معتقدا كفر .

                                                                                                                            ويأتي مثل ما تقرر فيما لو وقف { على ملك سليمان وما } ثم سكت طويلا : أي زائدا على سكتة تنفس ، وعي فيما يظهر ، وابتدأ بما بعدها ; ولو قال قال الله في غير محل تلاوته أو النبي كذا بطلت صلاته كما شمله كلامهم وبه صرح القاضي ، وتبطل بما نسخت تلاوته ، وإن بقي حكمه دون عكسه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : أو لم يقصد شيئا ) ينبغي أو قصد واحدا لا بعينه بأن قصد أحد الأمرين من التفهيم والقراءة ( قوله : إلا بالقصد ) أي مع وجود الصارف كما هنا ( قوله : فأثرت ) أي القرينة ( قوله : نفي كل من المقسم ) ، وهو قوله : بقصد التفهيم وقوله وقيد المقسم ، وهو قوله : إن قصد معه قراءة ( قوله : وإن بحث في المجموع إلخ ) ضعيف ( قوله : وسواء ) أي في التفصيل المار ( قوله : خلافا لجمع متقدمين ) أي فإنهم يخصون التفصيل بما يصلح للمخاطبة كما ذكره سم على العباب .

                                                                                                                            وعبارته قوله : ولو أعلم بنظم القرآن إلخ ، ظاهر كلام المصنف كغيره لا فرق في نظم القرآن وغيره مما ذكر في التفصيل الذي ذكره بين ما يصلح لمخاطبة الناس وما لا يصلح ، لكن نقل الإسنوي عن جماعة وقال إنه المتجه تخصيص التفضيل بما يصلح للمخاطبة ، بخلاف ما لا يصلح ، وإن تجرد لقصد الإفهام ، وقد سبق نظير المسألة في باب الغسل . ا هـ ( قوله : أرتج عليه ) قال في المختار : أرتج على القارئ على ما لم يسم فاعله إذا لم يقدر على القراءة ، إلى أن قال : ولا تقل ارتج عليه بالتشديد ( قوله : بتكبير الانتقالات ) أي [ ص: 43 ] أو التحرم ( قوله : من الصور ) بيان للتفصيل ( قوله : مطلقا ) أي سواء قصد القرآن أو غيره ( قوله : فيما يظهر ) معتمد ( قوله : في الغرر ) أي شرح البهجة الكبير ( قوله : بطلت صلاته ) أي حيث لم يقصد بأولئك إلخ القراءة من آية أخرى ( قوله : وفي فتاوى القفال ) أي المروزي ، وقوله إلى أن قال ذلك إلخ معتمد ( قوله : ويأتي مثل ما تقرر ) هو قوله : إن قال ذلك إلخ ( قوله : فيما يظهر ) أفهم أن قدر سكتة التنفس والعي لا يضر معها الابتداء بما بعدها مطلقا .

                                                                                                                            ولعل وجه ذلك أنه مع قصر الزمن لا تعد الكلمات منفصلا بعضها عن بعض فأشبه ما لو نطق بقوله وما كفر سليمان بلا سكوت ( قوله : في غير محل تلاوته ) احترز به عما لو قاله من تلاوة قوله تعالى { قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم } ( قوله : وتبطل بما نسخت تلاوته ) ومثله متعلقات القرآن المحذوفة : أي كقوله الحمد كائن لله ، وإن قلنا إنها منه فتبطل بالنطق بها عمدا ، وإن قصد أنها متعلق اللفظ .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وادعى المصنف في دقائقه دخول هذه الصورة ) أي كما ادعى دخول صورة قصد القراءة فقط كما يعلم من قول الشارح الآتي ولعله ملحظ المصنف إلخ ( قوله : فلا يشمل قصد القراءة ) حق العبارة فلا يشمل الإطلاق كما لا يشمل قصد القراءة إلخ ( قوله : ولعله ) أي جميع ما ذكر لا خصوص قوله وبأن لا إلخ كما هو ظاهر . والحاصل أن ما قبل وإلا في كلام المصنف يشمل صورتين : إحداهما بالمنطوق وهي ما إذا قصد التفهيم والقراءة ، والأخرى بمفهوم الموافقة الأولى وهي [ ص: 43 ] ما إذا قصد القراءة فقط ، وما بعد وإلا يشمل صورتين باعتبار شمولها لنفي القسم والمقسم .




                                                                                                                            الخدمات العلمية