[ ص: 208 ] فصل في بعض شروط القدوة أيضا كما سيعلم مما يأتي أنه لو نواها في خلال صلاته جاز فلا اعتراض عليه خلافا لمن وهم فيه ( أن ينوي المأموم مع التكبير ) للإحرام ( الاقتداء ) أو الائتمام ( أو الجماعة ) بالإمام الحاضر أو مأموما أو مؤتما به ، إذ المتابعة عمل فيفتقر إلى النية ، ولا يقدح في ذلك صلاحية الجماعة للإمام أيضا ، لأن اللفظ المطلق ينزل على المعهود الشرعي فهي من الإمام غيرها من المأموم ، فنزلت في كل على ما يليق به مع تعينها بالقرينة الحالية لأحدهما ، وعلم من ذلك رد قول جمع لا يكفي نية نحو القدوة أو الجماعة ، بل لا بد من أن يستحضر الاقتداء بالحاضر وإلا لم يأت إشكال ( شرط ) انعقاد ( القدوة ) في الابتداء الرافعي المذكور في الجماعة الذي أشرنا للجواب عنه . لا يقال : لا دخل للقرائن الخارجة في النيات ; لأنا نقول : صحيح ذلك فيما لم يقع تابعا ، والنية هنا تابعة لأنها غير شرط للانعقاد ، ولأنها [ ص: 209 ] محصلة لصفة تابعة فاغتفر فيها ما لم يغتفر في غيرها ، وخرج بقوله مع التكبير ما لو لم ينو كذلك فتنعقد فرادى ثم إن تابع فسيأتي ( والجمعة كغيرها ) في اشتراط نيته المذكورة ( على الصحيح ) وإن افترقا في عدم انعقادها عند انتفاء نية القدوة مع تحرمها بخلاف غيرها ، ولا يغني توقف صحتها على الجماعة عن وجوب نية الجماعة فيها ، وتقدم في المعادة ما يعلم منه أن نية الاقتداء عند تحرمها واجب في بعض صورها فهي كالجمعة ، ومقابل الصحيح لا يشترط فيها ما ذكر لأنها لا تصح بدون الجماعة ، فكان التصريح بنية الجمعة مغنيا عن التصريح بنية الجماعة ( فلو ترك هذه النية ) أو شك فيها في غير الجمعة ( وتابع ) مصليا ( في الأفعال ) أو في فعل واحد أو في السلام [ ص: 210 ] بأن كان قاصدا لذلك مع عدم نية اقتدائه وطال انتظاره له عرفا ( بطلت صلاته على الصحيح ) لتلاعبه .
أما لو وقع ذلك منه اتفاقا من غير قصد ، أو كان الانتظار يسيرا أو كثيرا من غير متابعة لم تبطل جزما ، ومقابل الصحيح يقول المراد بالمتابعة هنا أن يأتي بالفعل بعد الفعل لا لأجله وإن تقدمه انتظار كثير له .
قال الشارح : فلا نزاع في المعنى ومراده به أن الخلف بين الصحيح ومقابله يشبه أن يكون لفظيا ، إذ الأول يوافق الثاني في أنه لو أتى بالفعل بعد الفعل لا لأجله لم تبطل ، وما قررته في مسألة الشك هو المعتمد .
وأما ما اقتضاه قول العزيز وغيره : إن الشك هنا كهو في أصل النية من البطلان بانتظار طويل وإن لم يتابع ويسير مع المتابعة غير مراد بدليل قول الشيخين : إنه في حال شكه كالمنفرد ، وهل البطلان بما مر عام في العالم بالمنع والجاهل أم مختص بالعالم . قال الأذرعي : لم أر فيه شيئا وهو محتمل ، والأقرب أنه يعذر الجاهل ، لكن قال في التوسط : إن الأشبه عدم الفرق وهو الأوجه .